مقتل مصعب بن الزبير
  وما قلتها رهبة إنما ... يحلّ العقاب على المذنب
  إذا شئت دافعت مستقتلا(١) ... أزاحم كالجمل الأجرب
  فمن يك منّا يبت آمنا ... ومن يك من غيرنا يهرب
  غنّاه معبد من رواية إسحاق ثاني ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى.
  ابن قيس يرثي مصعبا
  وقال ابن قيس يرثي مصعبا:
  لقد أورث المصرين خزيا وذلَّة ... قتيل بدير الجاثليق مقيم
  فما قاتلت في اللَّه بكر بن وائل ... ولا صبرت عند اللَّقاء تميم
  ولكنه رام القيام ولم يكن ... لها مضريّ يوم ذاك كريم
  مصعب يسأل عن قتل الحسين
  قال الزبير: وكان مصعب لمّا قدم الكوفة يسأل عن الحسين بن عليّ @ وعن قتله، فجعل عروة بن المغيرة يحدّثه عن ذلك، فقال متمثّلا بقول سليمان بن قتّة:
  فإنّ الألى بالطَّفّ من آل هاشم ... تأسّوا فسنّوا للكرام التّأسّيا
  / قال عروة: فعلمت أن مصعبا لا يفرّ أبدا.
  الحجاج يتأسى بموقف مصعب
  قال الزبير: وقال أبو الحكم بن خلاد بن قرّة السّدوسيّ: حدثني أبي، قال:
  لما كان يوم السّبخة حين عسكر الحجاج بإزاء شبيب الشاريّ قال له الناس: لو تنحّيت أيها الأمير عن هذه السّبخة؟ فقال لهم: ما تنحّوني - واللَّه - إليه أنتن، وهل ترك مصعب لكريم مفرّا؟ ثم تمثّل قول الكلحبة:
  إذا المرء لم يغش المكاره أوشكت ... حبال الهوينى بالفتى أن تقطَّعا
  خطبة عبد اللَّه بن الزبير بعد مقتل مصعب
  قال الزبير: وحدّثني المدائنيّ، عن عوانة والشّرقيّ بن القطاميّ، عن أبي جناب، قال: حدّثني شيخ من أهل مكة، قال:
  لما أتى عبد اللَّه بن الزبير قتل مصعب أضرب عن ذكره أياما حتى تحدثت به إماء مكة في الطريق، ثم صعد المنبر فجلس عليه مليّا لا يتكلم، فنظرت إليه والكآبة على وجهه، وجبينه يرشح عرقا، فقلت لآخر إلى جنبي: ما له لا يتكلم؟ أتراه يهاب المنطق؟ فو اللَّه إنه لخطيب، فما تراه يهاب؟ قال: أراه يريد أن يذكر قتل مصعب سيّد العرب فهو يفظع لذكره، وغير ملوم(٢) فقال: الحمد للَّه الَّذي له الخلق والأمر ومالك الدنيا والآخرة، يعزّ من يشاء ويذلّ
(١) ف، المختار: «نازلت مستقبلا».
(٢) ب: «وهو بفظيع ما تذكره غير ملوم».