كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عويف ونسبه

صفحة 127 - الجزء 19

  الإبل الَّتي بين يديه، فقال: اقرن⁣(⁣١) هذه وهذه وهذه، فما برحت حتى أمر لي بثلاثين بكرة أدنى بكرة منها - ولا دنيّة فيها - خير من بضاعتي. ثم رفع طنفسته فقال: وشأنك ببضاعتك فاستعن بها على من ترجع إليه، فقلت: أي رحمك اللَّه، أتدري ما تقول! فما بقي عنده إلا من نهرني وشتمني، ثم بعث معي نفرا فأطردوها حتى أطلعوها من رأس / الثّنيّة، فو اللَّه لا أنساه ما دمت حيّا أبدا.

  وهذا الصّوت المذكور تمثّل به إبراهيم بن عبد اللَّه بن حسن بن حسن بن عليّ يوم مقتله.

  حدّثني ابن عبيد اللَّه⁣(⁣٢) بن عمّار، قال: حدّثني ميسرة بن سيّار⁣(⁣٣) أبو محمد، قال: حدّثني إبراهيم بن علي الرّافقيّ، عن المفضّل الضّبّيّ، وحدّثنا يحيى بن عليّ بن يحيى المنجّم، وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قالا:

  حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدّثني عبد الملك بن سليمان، عن عليّ بن الحسن، عن المفضّل الضّبّيّ؛ ورواية ابن عمّار أتمّ من هذه الرّواية⁣(⁣٤).

  / ونسخت هذا الخبر أيضا من بعض الكتب عن أبي حاتم السّجستانيّ، عن أبي عثمان اليقطريّ⁣(⁣٥)، عن أبيه، عن المفضّل، وهو أتم الرّوايات، وأكثر اللفظ له قال:

  قال المفضّل: خرجت مع إبراهيم بن عبد اللَّه بن حسن بن حسن، فلمّا صار بالمربد، وقف على رأس سليمان بن عليّ فأخرج إليه صبيان من ولده، فضمّهم⁣(⁣٦) إليه وقال: هؤلاء واللَّه منّا ونحن منهم، إلا أنّ آباءهم فعلوا بنا وصنعوا، وذكر كلاما يعتدّ عليهم فيه بالإساءة، ثم توجّه لوجهه وتمثّل:

  مهلا بني عمّنا ظلامتنا ... إنّ بنا سورة من القلق

  لمثلكم نحمل السيوف ولا ... تغمز أحسابنا من الدّقق⁣(⁣٧)

  إنّي لأنمي إذا انتميت إلى ... عزّ عزيز ومعشر صدق

  بيض سباط كأنّ أعينهم ... تكحل يوم الهياج بالعلق⁣(⁣٨)

  فقلت: ما أفحل هذه الأبيات، فلمن هي؟ قال: لضرار بن الخطَّاب الفهريّ، قالها يوم الخندق، وتمثّل بها عليّ بن أبي طالب # يوم صفّين، والحسين بن عليّ يوم قتل، وزيد بن عليّ $، ولحق القوم، ثم مضى إلى باخمرى⁣(⁣٩)، فلما قرب منها أتاه نعي أخيه محمد، فتمثّل:

  نبّئت أنّ بني ربيعة أجمعوا ... أمرا خلالهم لتقتل خالدا

  إن يقتلوني لا تصب أرماحهم ... ثأري ويسعى القوم سعيا جاهدا


(١) ف: «اقترن».

(٢) ف: «أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار».

(٣) ف، مي: «ميسرة بن حسان».

(٤) مي: «أتم الروايات».

(٥) ف: «القطيني».

(٦) ف: «صبيّان من ولده فضمهما إليه».

(٧) الدّقق: جمع داق وهم المظهرون عيوب الناس. وفي ب: «من الرفق».

(٨) العلق جمع علوق، وهي المنية. وفي ف، مي، مد: «بالزرق».

(٩) باخمري: موضع بين الكوفة وواسط، وهو إلى الكوفة أقرب؛ «معجم البلدان».