أخبار عويف ونسبه
  الإبل الَّتي بين يديه، فقال: اقرن(١) هذه وهذه وهذه، فما برحت حتى أمر لي بثلاثين بكرة أدنى بكرة منها - ولا دنيّة فيها - خير من بضاعتي. ثم رفع طنفسته فقال: وشأنك ببضاعتك فاستعن بها على من ترجع إليه، فقلت: أي رحمك اللَّه، أتدري ما تقول! فما بقي عنده إلا من نهرني وشتمني، ثم بعث معي نفرا فأطردوها حتى أطلعوها من رأس / الثّنيّة، فو اللَّه لا أنساه ما دمت حيّا أبدا.
  وهذا الصّوت المذكور تمثّل به إبراهيم بن عبد اللَّه بن حسن بن حسن بن عليّ يوم مقتله.
  حدّثني ابن عبيد اللَّه(٢) بن عمّار، قال: حدّثني ميسرة بن سيّار(٣) أبو محمد، قال: حدّثني إبراهيم بن علي الرّافقيّ، عن المفضّل الضّبّيّ، وحدّثنا يحيى بن عليّ بن يحيى المنجّم، وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قالا:
  حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدّثني عبد الملك بن سليمان، عن عليّ بن الحسن، عن المفضّل الضّبّيّ؛ ورواية ابن عمّار أتمّ من هذه الرّواية(٤).
  / ونسخت هذا الخبر أيضا من بعض الكتب عن أبي حاتم السّجستانيّ، عن أبي عثمان اليقطريّ(٥)، عن أبيه، عن المفضّل، وهو أتم الرّوايات، وأكثر اللفظ له قال:
  قال المفضّل: خرجت مع إبراهيم بن عبد اللَّه بن حسن بن حسن، فلمّا صار بالمربد، وقف على رأس سليمان بن عليّ فأخرج إليه صبيان من ولده، فضمّهم(٦) إليه وقال: هؤلاء واللَّه منّا ونحن منهم، إلا أنّ آباءهم فعلوا بنا وصنعوا، وذكر كلاما يعتدّ عليهم فيه بالإساءة، ثم توجّه لوجهه وتمثّل:
  مهلا بني عمّنا ظلامتنا ... إنّ بنا سورة من القلق
  لمثلكم نحمل السيوف ولا ... تغمز أحسابنا من الدّقق(٧)
  إنّي لأنمي إذا انتميت إلى ... عزّ عزيز ومعشر صدق
  بيض سباط كأنّ أعينهم ... تكحل يوم الهياج بالعلق(٨)
  فقلت: ما أفحل هذه الأبيات، فلمن هي؟ قال: لضرار بن الخطَّاب الفهريّ، قالها يوم الخندق، وتمثّل بها عليّ بن أبي طالب # يوم صفّين، والحسين بن عليّ يوم قتل، وزيد بن عليّ $، ولحق القوم، ثم مضى إلى باخمرى(٩)، فلما قرب منها أتاه نعي أخيه محمد، فتمثّل:
  نبّئت أنّ بني ربيعة أجمعوا ... أمرا خلالهم لتقتل خالدا
  إن يقتلوني لا تصب أرماحهم ... ثأري ويسعى القوم سعيا جاهدا
(١) ف: «اقترن».
(٢) ف: «أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار».
(٣) ف، مي: «ميسرة بن حسان».
(٤) مي: «أتم الروايات».
(٥) ف: «القطيني».
(٦) ف: «صبيّان من ولده فضمهما إليه».
(٧) الدّقق: جمع داق وهم المظهرون عيوب الناس. وفي ب: «من الرفق».
(٨) العلق جمع علوق، وهي المنية. وفي ف، مي، مد: «بالزرق».
(٩) باخمري: موضع بين الكوفة وواسط، وهو إلى الكوفة أقرب؛ «معجم البلدان».