كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عويف ونسبه

صفحة 129 - الجزء 19

  فقال له عمر: لبّيك، ووقف ووقف النّاس معه، ثم قال له: فمه، فقال:

  فأنت امرؤ كلتا يديك مفيدة ... شمالك خير من يمين سواكا

  قال: ثم مه، فقال:

  بلغت مدى المجرين قبلك إذ جروا ... ولم يبلغ المجرون بعد مداكا⁣(⁣١)

  فجدّاك لا جدّين أكرم منهما ... هناك تناهي المجد ثم هناكا

  فقال له عمر: ألا أراك شاعرا! ما لك عندي من حقّ، قال: لا، ولكني سائل / وابن سبيل وذو سهمة⁣(⁣٢).

  فالتفت عمر إلى قهرمانه فقال: أعطه فضل نفقتي، قال: وإذا هو عويف القوافي الفزاريّ.

  هجا بني مرة

  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ، قال: حدّثنا أبو غسّان دماذ، عن أبي عبيدة، قال:

  لما كان يوم ابن جرح، وافتتلت⁣(⁣٣) بنو مرّة وبنو حنّ بن عذرة، قال عويف القوافي لبني مرّة يهجوهم ويوبّخهم بتركهم نصرهم:

  كنّا لكم يا مرّ أمّا حفيّة ... وكنتم لنا يا مرّ بوّا⁣(⁣٤) مجلَّدا

  وكنتم لنا سيفا وكنّا وعاءه ... إذا نحن خفنا أن يكلّ فيغمدا

  عقيل بن علفة يجيبه بقصيدة

  فأجابه عقيل بن علَّفة بقصيدته الَّتي أوّلها:

  أماويّ إنّ الركب مرتحل غدا ... وحقّ ثويّ نازل أن يزوّدا

  يقول فيها يخاطب عويفا:

  إذا قلت: قد سامحت سهما ومازنا⁣(⁣٥) ... أبى النّسب الدّاني وكفرهم اليدا

  وقد أسلموا أستاههم لقبيلة ... قضاعيّة يدعون حنّا⁣(⁣٦) وأصيدا

  فما كنت أمّا بل جعلتك لي أخا ... وقد كنت في النّاس الطَّريد المشرّدا

  عويف استها قد رمت ويلك مجدنا ... قديما فلم تعد الحمار المقيّدا

  / ولو أنّني يوم ابن جرح لقيتهم ... لجرّدت في الأعداء عضبا مهنّدا

  وأبيات عويف هذه يقولها يوم مرج راهط؛ وهي الحرب الَّتي كانت بين قيس وكلب.


(١) ف، المختار:

«ولن يدرك المجرون بعد مداكا»

(٢) السّهمة: القرابة، والنصيب، والقسمة، وفي المختار: «وذو نهمة».

(٣) ف: «وأقبلت بنو مرة».

(٤) البو: جلد ولد الناقة يحشى تبنا بعد موته ويقرب من أمه لتدرّ عليه.

(٥) ف:

«أيا قلب قد سامحت شمخا ومازنا»

(٦) حن: أبو حي من عذرة.