كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عويف ونسبه

صفحة 130 - الجزء 19

  يوم مرج راهط

  أخبرني بالسّبب فيه أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال: أخبرني سليمان بن أيّوب بن أعين أبو أيّوب المدينيّ⁣(⁣١)، قال: حدّثنا المدائنيّ، قال:

  كان بدء حرب قيس وكلب في فتنة ابن الزّبير ما كان من وقعة مرج راهط، وكان من قصّة المرج أنّ مروان بن الحكم بن أبي العاص قدم بعد هلاك يزيد بن معاوية والنّاس يموجون، وكان سعيد بن بحدل الكلبيّ على قنّسرين، فوثب عليه زفر بن الحارث فأخرجه منها وبايع لابن الزّبير، فلما قعد زفر على المنبر قال: الحمد للَّه الَّذي أقعدني مقعد الغادر الفاجر، وحصر، فضحك الناس من قوله، وكان النّعمان بن بشير على حمص، فبايع لابن الزّبير. وكان حسّان⁣(⁣٢) بن بحدل على فلسطين والأردنّ، فاستعمل على فلسطين روح بن زنباع الجذاميّ، ونزل هو الأردنّ فوثب نابل بن قيس الجذاميّ على روح بن زنباع، فأخرجه من فلسطين وبايع لابن الزّبير.

  موقف الضحاك بن قيس الفهري

  وكان الضّحّاك بن قيس الفهريّ عاملا ليزيد بن معاوية على دمشق حتى هلك، فجعل يقدّم رجلا ويؤخّر أخرى، إذا جاءته اليمانية وشيعة بني أميّة أخبرهم أنه أمويّ، وإذا جاءته القيسيّة أخبرهم أنه يدعو إلى ابن الزّبير، فلما قدم مروان قال له الضّحّاك: هل لك أن تقدم على ابن الزّبير ببيعة أهل الشام؟ قال: نعم، وخرج من عنده، فلقيه عمرو بن سعيد بن العاص، ومالك بن هبيرة، وحصين بن نمير الكنديّان، وعبيد اللَّه بن زياد، فسألوه عمّا أخبره به الضّحّاك، فأخبرهم، فقالوا له: أنت شيخ بني أميّة، وأنت عمّ الخليفة، هلمّ نبايعك. فلما فشا ذلك أرسل الضّحّاك إلى بني أميّة / يعتذر إليهم، ويذكر حسن بلائهم عنده، وأنّه لم يرد شيئا يكرهونه، فاجتمع مروان بن الحكم، وعمرو بن سعيد بن العاص، وخالد وعبد اللَّه ابنا يزيد بن معاوية وقال لهم: اكتبوا إلى حسّان بن بحدل فليسر من الأردنّ حتى ينزل الجابية، ونسير من ها هنا حتى نلقاه، فيستخلف رجلا ترضونه، فكتبوا إلى حسّان، فأقبل في أهل الأردنّ، وسار الضّحّاك بن قيس وبنو أميّة في أهل دمشق، فلما استقلَّت الرّايات من جهة دمشق، قالت القيسيّة للضّحّاك: دعوتنا لبيعة ابن الزّبير، وهو رجل هذه الأمّة، فلما تابعناك خرجت تابعا لهذا الأعرابيّ من كلب تبايع لابن أخته تابعا له، قال: فتقولون ماذا؟ قالوا: نقول: أن تنصرف وتظهر بيعة ابن الزّبير ونظهرها معك، فأجابهم إلى ذلك، وسار حتى نزل مرج راهط، وأقبل حسّان حتى لقي مروان بن الحكم، فسار حتى دخل دمشق، فأتته اليمانية تشكر بلاء بني أميّة، فساروا مع مروان حتى نزلوا المرج على الضّحّاك، وهم نحو سبعة آلاف، والضّحّاك في نحو من ثلاثين ألفا، فلقوا الضّحّاك، فقتل الضحّاك، وقتل معه أشراف من قيس، فأقبل زفر هاربا من وجهه ذاك حتى دخل قرقيسيا، وأقام عمير بن الحباب شيئا على طاعة بني مروان، ثم أقبل حتى دخل قرقيسيا على زفر فأقام معه، وذلك بعد يوم خازر⁣(⁣٣) حين قتل عبيد اللَّه / بن زياد.


(١) ب: «المدائنيّ».

(٢) ف: «جساس».

(٣) خازر: نهر بين إربل والموصل، يصب في دجلة عن (معجم البلدان).