أخبار عويف ونسبه
  وقال سنان أيضا في هذا الأمر بعد ما أوقع ببني فزارة:
  يا أخت قيس سلي عنّا علانية ... كي تخبري من بيان العلم(١) تبيانا
  إنّا ذوو حسب مال ومكرمة ... يوم الفخار وخير النّاس فرسانا
  منّا ابن مرّة عمر وقد سمعت به ... غيث الأرامل لا يردين(٢) ما كانا
  والبحدليّ الَّذي أردت فوارسه ... قيسا غداة اللَّوى من رمل عدنانا
  فغادرت حلبسا منها بمعترك ... والجعد منعفرا لم يكس أكفانا
  كائن تركنا غداة العاه(٣) من جزر ... للطير منهم ومن ثكلى وثكلانا
  ومن غوان تبكَّي لا حميم لها ... بالعاه(٣) تدعو بني عمّ وإخوانا
  فلما انتهى الخبر إلى عبد الملك بن مروان، وعبد اللَّه ومصعب يومئذ حيّان، / وعند عبد الملك حسّان بن مالك بن بحدل وعبد اللَّه بن مسعدة بن حكم الفزاريّ، وجئ بالطَّعام، فقال عبد الملك لابن مسعدة: ادن، فقال ابن مسعدة: لا واللَّه، لقد أوقع حميد بسليم وعامر وقعة لا ينفعني بعدها طعام حتى يكون لها غير، فقال له حسّان:
  أجزعت أن كان بيني وبينكم في الحاضرة على الطَّاعة والمعصية، فأصبنا منكم يوم المرج، وأغار أهل قرقيسيا بالحاضرة على البادية بغير ذنب؟ فلما رأى حميد ذلك طلب بثأر قومه، فأصاب بعض ما أصابهم، فجزعت من ذلك، وبلغ حميدا قول ابن مسعدة فقال: واللَّه لأشغلنّه بمن هو أقرب إليه من سليم وعامر.
  ذكر في شعره إيقاع حميد ببني فزارة
  فخرج حميد في نحو من مائتي فارس، ومعه رجلان من كلب دليلان، حتى انتهى إلى بني فزارة أهل العمود لخمس عشرة مضت من شهر رمضان، فقال: بعثني عبد الملك بن مروان مصدّقا: فابعثوا إلى كل من يطيق أن يلقانا، ففعلوا، فقتلهم أو من استطاع منهم، وأخذ أموالهم، فبلغ قتلاهم نحوا من مائة ونيّف، فقال عويف القوافي:
  منا اللَّه(٤) أن ألقى حميد بن بحدل ... بمنزلة فيها إلى النّصف معلما
  لكيما نعاطيه ونبلو بيننا ... سريجيّة(٥) يعجمن في الهام معجما
  ألا ليت أنّي صادفتني منيّتي ... ولم أر قتلى العام يا أمّ أسلما
  ولم أر قتلى لم تدع لي بعدها(٦) ... يدين فما أرجو من العيش أجذما
  / وأقسم ما ليث بخفّان(٧) خادر ... بأشجع من جعد جنانا ومقدما
(١) مي: «الأمر».
(٢) ف:
«لا يؤذين ما كانا»
(٣) العاه: جبل بأرض فزارة (معجم البلدان). وفي ب: «الفاه»، تصحيف.
(٤) منا اللَّه كذا: قدره.
(٥) السريجية: السيوف المنسوبة إلى سريج، وهو قين كان يعملها:
(٦) مي:
«ولم أر قتلى لم يدع لي قتلها»
(٧) خفان: موضع قرب الكوفة (معجم البلدان).