أخبار عبد الله بن جحش
  لو يستطيع ضجيعها لأجنّها ... في الجوف حبّ نسيمها ونشاها(١)
  يا دار صهباء الَّتي لا أنتهي ... عن ذكرها أبدا ولا أنساها
  كان عبد الملك بن مروان معجبا بشعره
  أخبرني حبيب(٢) بن نصر المهلبي، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني عبد الرّحيم(٣) بن أحمد بن زيد بن الفرج، قال: حدّثني محمد بن عبد اللَّه، قال:
  كان عبد الملك بن مروان معجبا بشعر عبد اللَّه بن جحش، فكتب إليه يأمره بالقدوم عليه، فورد كتابه وقد توفّي، فقال إخوانه لابنه:
  ذهب ابنه إلى عبد الملك فطرده لتضييعه أدب أبيه
  لو شخصت إلى أمير المؤمنين عن إذنه لأبيك لعلَّه كان ينفعك، ففعل، فبينا هو في طريقه إذ ضاع منه كتاب الإذن، فهمّ بالرّجوع، ثم مضى لوجهه، / فلما قدم على عبد الملك سأله عن أبيه فأخبره بوفاته، ثم سأله عن كتابه فأخبره بضياعه فقال له: أنشدني قول أبيك:
  صوت
  هل يبلغنها السّلام أربعة ... منّي وإن يفعلوا فقد نفعوا
  على مصكَّين من جمالهم ... وعنتريسين فيهما سطع(٤)
  قرّب جيراننا جمالهم ... صبحا فأضحوا بها قد انتجعوا
  ما كنت أدري بوشك بينهم ... حتى رأيت الحداة قد طلعوا
  / قد كاد(٥) قلبي - والعين تبصرهم ... لما تولَّى بالقوم - ينصدع
  ساروا وخلَّفت بعدهم دنفا ... أليس باللَّه بئس ما صنعوا!
  قال: لا واللَّه يا أمير المؤمنين ما أرويه، قال: لا عليك، فأنشدني قول أبيك:
  صوت
  أجدّ اليوم جيرتك الغيارا ... رواحا أم أرادوه ابتكارا
  بعينك كان ذاك وإن يبينوا ... يزدك البين صدعا مستطارا(٦)
  بلى أبقت من الجيران عندي ... أناسا ما أوافقهم كثارا
(١) مد: «في القلب» بدل «في الجوف». وفي التجريد:
«حب نسيمها وجناها»
وفي المختار:
«شهوة ريحها وجناها»
والنشا: نسيم الريح الطيبة (وانظر ص ٢١٥).
(٢) ف: «جعفر بن نصر المهلبي».
(٣) ف: «عبد الرحمن بن أحمد».
(٤) المصك: القوي. والعنتريس: الناقة القوية الغليظة. والسطع: طول العنق.
(٥) ف: «قد كان».
(٦) ف: «شعبا مستطارا».