كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن جحش

صفحة 143 - الجزء 19

  وماذا كثرة الجيران تغنّي ... إذا ما بان من أهوى فسارا

  / قال: لا واللَّه ما أرويه يا أمير المؤمنين، قال: ولا عليك، فأنشدني قول أبيك:

  دار لصهباء الَّتي لا ينثني ... عن ذكرها قلبي ولا أنساها

  صفراء يطويها الضّجيع لصلبها ... طيّ الحمالة ليّن متناها

  لو يستطيع ضجيعها لأجنّها ... في القلب شهوة ريحها ونشاها

  قال: لا واللَّه يا أمير المؤمنين، ما أرويه، وإنّ صهباء هذه لأمّي، قال: ولا عليك، قد يبغض الرجل أن يشبّب بأمّه، ولكن إذا نسب بها غير أبيه، فأفّ لك! ورحم اللَّه أباك، فقد ضيّعت أدبه وعققته؛ إذ لم ترو شعره. اخرج فلا شيء لك عندنا.

  صوت

  أماطت كساء الخزّ عن حرّ وجهها ... وأدنت على الخدّين بردا مهلهلا

  من اللَّاء لم يحججن يبغين حسبة ... ولكن يقتّلن⁣(⁣١) البريء المغفّلا

  رأتني خضيب الرّأس شمّرت مئزري ... وقد عهدتني أسود الرّأس مسبلا

  خطوّا⁣(⁣٢) إلى اللَّذات أجررت مئزري ... كإجرارك الحبل الجواد المحجّلا

  صريع الهوى لا يبرح الحبّ قائدي ... بشرّ⁣(⁣٣) فلم أعدل عن الشّرّ معدلا

  لدى الجمرة القصوى فريعت وهلَّلت ... ومن ريع في حجّ من الناس هلَّلا

  الشعر للعرجيّ، والغناء لعبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعيّ ثقيل أول في الأول والثاني والخامس والسادس من هذه الأبيات، وهو من جيّد الغناء وفاخر الصنعة، ويقال: إنّه أول شعر⁣(⁣٤) صنعه، ولعزار⁣(⁣٥) المكَّيّ في الثّالث وما بعده ثاني ثقيل، عن يحيى المكَّيّ وغيره، وفيه خفيف ثقيل ينسب إلى معبد وإلى ابن سريج وإلى الغريض، وفيه لإبراهيم لحن من كتابه غير مجنّس، وأنا ذاكر ها هنا أخبارا لهذا الشّعر من أخبار العرجيّ؛ إذ كان أكثر أخباره قد مضى سوى هذه.


(١) ف: «ليقنلن».

(٢) ف: «خطوطا».

(٣) ف: «لشرّ».

(٤) ف: «إنّه أول غناء صنعه».

(٥) ف: «ولغرار المكي».