أخبار عبد الله بن العباس الربيعي
  حدّثني عبد اللَّه بن العبّاس بن الفضل بن الرّبيع قال:
  / كنت جالسا على دجلة في ليلة من اللَّيالي، وأخذت دواة وقرطاسا وكتبت شعرا حضرني وقلته في ذلك الوقت:
  صوت
  أخلفك الدهر ما تنظره ... فاصبر فذا جلّ أمر ذا القدر(١)
  لعلَّنا أن نديل من زمن(٢) ... فرّقنا والزّمان ذو غير
  قال: ثم أرتج عليّ فلم أدر ما أقول حتى يئست من أن يجيئني شيء، فالتفتّ فرأيت القمر وكانت ليلة تتمّته فقلت:
  فانظر إلى البدر فهو يشبهه ... إن كان قد ضنّ عنك بالنّظر
  ثم صنعت فيه لحنا من الثّقيل الثاني. قال أبو عبد اللَّه الهشاميّ: وهو واللَّه صوت حسن.
  وصف البرق وصنع فيه لحنا غناه للواثق
  أخبرني جحظة عن ابن حمدون، وأخبرني به الكوكبيّ، عن عليّ بن محمد بن نصر، عن خالد بن حمدون، قال:
  كنّا عند الواثق في يوم دجن، فلاح برق واستطار، فقال: لو في هذا شيء(٣)، فبدرهم عبد اللَّه بن العبّاس بن الفضل بن الرّبيع، فقال هذين البيتين:
  أعنّي على لامع بارق ... خفيّ كلمحك بالحاجب
  كأنّ تألَّقه في السّماء ... يدا كاتب أو يدا حاسب
  / وصنع فيه لحنا شرب فيه الواثق بقيّة يومه، واستحسن شعره ومعناه وصنعته، ووصل عبد اللَّه بصلة سنيّة.
  صنع لحنا في شعر الحسين بن الضحاك وغناه
  حدّثني عمّي، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني محمد / بن محمد بن مروان، قال: حدّثني الحسين بن الضّحّاك، قال:
  كنت عند عبد اللَّه بن العبّاس بن الفضل بن الرّبيع، وهو مصطبح، وخادم له قائم يسقيه فقال لي: يا أبا عليّ، قد استحسنت سقي هذا الخادم، فإن حضرك شيء في قصّتنا هذه فقل، فقلت:
  أحيت صبوحي فكاهة اللَّاهي ... وطاب يومي بقرب أشباهي
  فاستثر اللهو من مكامنه ... من قبل يوم منغّص ناهي
  بابنة كرم من كفّ منتطق ... مؤتزر بالمجون تيّاه
(١) ف:
«فاصبر فهذي جرائر القدر»
(٢) أدال اللَّه بني فلان من عدوهم: جعل الكرة لهم عليه. وفي ف: لعلنا أن ندال.
(٣) ف: «قولوا في هذا شيئا». وفي مي، مد: «لو أن في هذا شيئا».