كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن العباس الربيعي

صفحة 169 - الجزء 19

  خبره في رقعة كتبتها إليه، وسألته وعدا يعدني به للمصير إليه، فكتب إليّ: نظرت في القصّة فوجدت هذا لا يصلح ولا ينكتم عليّ حضورك وسماعي إيّاك، وأسأل اللَّه أن يسرّك ويبقيك. فغنّيت الصوت وظهر حتى تغنّى به الناس، فلقيني سوّار يوما فقال لي: يا بن أخي، قد شاع أمرك في ذلك الباب حتى سمعناه من بعد كأنّا لم نعرف القصّة فيه، وجعلنا جميعا نضحك.

  صنع لحنا جيدا في شفاء بشر خادم بن عجيف

  كان بشر خادم صالح بن عجيف عليلا ثم برئ، فدخل إلى عبد اللَّه بن / العبّاس، فلما رآه قام فتلقّاه وأجلسه إلى جانبه، وشرب سرورا بعافيته، وصنع لحنا من الثقيل الأول وهو من جيّد صنعته:

  صوت

  مولاي ليس لعيش لست حاضره ... قدر ولا قيمة عندي ولا ثمن

  ولا فقدت من الدّنيا ولذّتها ... شيئا إذا كان عندي وجهك الحسن

  غنى الواثق بعد شفائه لحنا في شعر قاله فأجازه

  / حدّثني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر، قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن العبّاس الربيعيّ، قال:

  جمعنا الواثق يوما بعقب علَّة غليظة كان فيها، فعوفي وصحّ جسمه، فدخلت إليه مع المغنّين وعودي في يدي، فلما وقعت عيني عليه من بعيد، وصرت بحيث يسمع صوتي، ضربت وغنّيت في شعر قلته في طريقي إليه، وصنعت فيه لحنا وهو:

  صوت

  اسلم وعمّرك الإله لأمّة ... بك أصبحت قهرت ذوي الإلحاد

  لو تستطيع وقتك كلّ أذيّة ... بالنّفس والأموال والأولاد

  فضحك وسرّ وقال: أحسنت يا عبد اللَّه وسررتني، وتيّمنت بابتدائك، ادن مني، فدنوت منه حتى كنت أقرب المغنّين إليه، ثم استعادني الصوت، فأعدته ثلاث مرّات، وشرب عليه ثلاثة أقداح، وأمر لي بعشرة آلاف درهم وخلعة من ثيابه.

  فاجأته محبوبته النصرانية بالوداع فقال شعرا وغناه

  / حدّثني الصّوليّ، قال: حدّثني عون بن محمد الكنديّ، قال:

  كان عبد اللَّه بن العبّاس بن الفضل بن الرّبيع يهوى جارية نصرانيّة، فجاءته يوما تودّعه، فأعلمته أن أباها يريد الانحدار إلى بغداد والمضيّ بها معه، فقال في ذلك وغنّى فيه: