أخبار عبد الله بن العباس الربيعي
  كنت مقيما بسرّ من رأى وقد ركبني دين ثقيل أكثره عينة(١) وربا، فقلت في المتوكَّل:
  اسقياني سحرا بالكبّره(٢) ... ما قضى اللَّه ففيه الخيرة
  أكرم اللَّه الإمام المرتضى ... وأطال اللَّه فينا عمره
  / إن أكن أقعدت عنه هكذا ... قدّر اللَّه رضينا قدرا
  سرّه اللَّه وأبقاه لنا ... ألف عام وكفانا الفجره
  وبعثت بالأبيات إليه، وكنت مستترا من الغرماء، فقال لعبيد اللَّه بن يحيى: وقّع إليه: من هؤلاء الفجرة الذين استكفيت اللَّه شرّهم؟ فقلت: المعيّنون الذين قد ركبني لهم أكثر مما أخذت منهم من الدّين بالرّبا، فأمر عبيد اللَّه أن يقضي ديني، وأن يحتسب لهم رؤوس أموالهم، ويسقط الفضل، وينادي بذلك في سرّ من رأى حتى لا يقضي أحد أحدا إلَّا رأس ماله، وسقط عنّي وعن النّاس من الأرباح زهاء مائة ألف دينار كانت أبياتي هذه سببها.
  عتب على إخوانه لأنهم لم يعودوه في مرضه فجاؤه معتذرين
  حدّثني الصّوليّ، قال: حدّثني عون بن محمد الكنديّ، قال: حدّثني أبي، قال:
  مرض عبد اللَّه بن العباس بسرّ من رأى في قدمة قدمها إليها، فتأخّر عنه من كان يثق به، فكتب إليهم:
  ألا قل لمن بالجانبين بأنّني ... مريض عداني(٣) عن زيارتهم ما بي
  فلو بهم بعض الَّذي لي لزرتهم ... وحاش لهم من طول سقمي وأوصابي
  وإن أقشعت عني سحابة علَّتي ... تطاول عتبي إن تأخّر إعتابي(٤)
  قال: فما بقي أحد من إخوانه إلا جاءه عائدا معتذرا.
  غنى عند علوية بشعر في النصرانية التي كان يهواها
  أخبرني عمّي، قال: حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني محمد بن محمد بن موسى، قال:
  سمعت عبد اللَّه بن العبّاس يغنّي ونحن مجتمعون عند علَّوية بشعر في النّصرانيّة الَّتي كان يهواها والصّنعة له:
  صوت
  إنّ في القلب من الظَّبي كلوم ... فدع اللَّوم فإن اللَّوم لوم(٥)
  حبّذا يوم السّعانين وما ... نلت فيه من نعيم لو يدوم
  إن يكن أعظمت أن همت به ... فالذي تركب من عذلي عظيم
  / لم أكن أوّل من سنّ الهوى ... فدع اللَّوم فذا داء قديم
  الغناء لعبد اللَّه هزج بالوسطى.
(١) العينة: أن يبيع الرجل متاعه إلى أجل، ثم يشتريه في المجلس بثمن حال ليسلم به من الربا.
(٢) الكبرة: مبالغة في الكبير.
(٣) عداني: صرفني ومنعني.
(٤) أعتبني: أزال الشكوى والعتاب، الهمزة للسلب.
(٥) القافية مرفوعة في «ف».