كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار سلم الخاسر ونسبه

صفحة 177 - الجزء 19

  سلم: إنّ خادمك - يعني نفسه - قد قال في طريقه فيك قصيدة، قال: فإنك لهناك⁣(⁣١)؟ قال: تسمع، ثم تحكم، ثم قال: هات، فأنشده:

  صوت

  قد عزّني الداء فما لي دواء ... ممّا ألاقي من حسان النساء

  قلب صحيح كنت أسطو به ... أصبح من سلمى بداء عياء⁣(⁣٢)

  / أنفاسها مسك وفي طرفها ... سحر ومالي غيرها من دواء

  وعدتني وعدا فأوفي به ... هل تصلح الخمرة إلا بماء؟

  ويقول فيها:

  كم كربة قد مسّني ضرّها ... ناديت فيها عمر بن العلاء

  قال: فأمر له بعشرة آلاف درهم، فكانت أول عطية سنية وصلت إليه.

  صداقته لعاصم بن عتبة ومدحه إياه

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثني ابن مهرويه، قال: وجدت في كتاب بخط الفضل بن مروان:

  وكان عاصم بن عتبة الغساني جدّ أبي السمراء الَّذي كان مع عبد اللَّه بن طاهر صديقا لسلم الخاسر، كثير البرّ به، والملاطفة له، وفيه يقول سلم:

  الجود في قحطان ... ما بقيت غسان

  اسلم ولا أبالي⁣(⁣٣) ... ما فعل الإخوان

  ما ضرّ مرتجيه ... ما فعل الزمان

  من غاله مخوف ... فعاصم أمان

  وكانت سبعين بيتا، فأعطاه عاصم سبعين ألف درهم، وكان مبلغ ما وصل إلى سلم من عاصم خمسمائة ألف درهم، فلما حضرته الوفاة دعا عاصما فقال له: إني ميّت، / ولا ورثة لي، وإن مالي مأخوذ، فأنت أحقّ به، فدفع إليه خمسمائة ألف درهم، ولم يكن لسلم وارث. قال: وكان عاصم هذا جوادا.

  يزيد بن مزيد يحسد عاصم بن عتبة على شعره فيه

  أخبرني محمد بن خلف وكيع، قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني محمد بن طهمان، قال:

  أخبرني القاسم بن موسى بن مزيد.

  أن يزيد بن مزيد قال: ما حسدت أحدا قطَّ على شعر مدح به إلا عاصم بن عتبة الغسّانيّ، فإني حسدته على قول سلم الخاسر فيه:


(١) فإنك لهناك؟: أفأنت تطيق ذلك؟.

(٢) مم:

«للَّه قلب كنت أسطو به»

(٣) في المختار: أسلم لا أبالي.