كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار سلم الخاسر ونسبه

صفحة 178 - الجزء 19

  لعاصم سماء ... عارضها تهتان

  أمطارها اللجين ... والدر⁣(⁣١) والعقيان⁣(⁣٢)

  وناره تنادي ... إذ خبت النّيران

  الجود في قحطان ... ما بقيت غسان

  اسلم ولا أبالي ... ما فعل الإخوان

  صلت له المعالي ... والسيف والسنان

  كان يقدم أبا العتاهية على بشار ثم فسد ما بينهما

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه⁣(⁣٣) بن عمار، قال: حدثنا يعقوب بن نعيم، عن⁣(⁣٤) محمد بن القاسم بن مهرويه، وأخبرني به الحسن بن علي، عن ابن مهرويه، عن الغريبي، عن محمد بن عمر الجرجاني، قال:

  كان سلم تلميذ بشار، إلا أنه كان تباعد ما بينهما، فكان سلم يقدّم أبا العتاهية، ويقول: هو أشعر الجن والإنس، إلى أن قال أبو العتاهية يخاطب سلما:

  /

  تعالى اللَّه يا سلم بن عمرو ... أذلّ الحرص أعناق الرجال

  هب الدّنيا تصير إليك عفوا ... أليس مصير ذاك إلى زوال!

  قال: وبلغ الرشيد هذا الشعر فاستحسنه، وقال: لعمري إن الحرص لمفسدة لأمر الدين والدنيا، وما فتّشت عن حريص قطَّ مغيّبه⁣(⁣٥) إلا انكشف لي عمّا أذمّه. وبلغ ذلك سلما، فغضب على أبي العتاهية، وقال: ويلي على الجرّار ابن الفاعلة الزّنديق! زعم أني حريص، وقد كنز البدور⁣(⁣٦) وهو يطلب وأنا في ثوبيّ هذين، لا أملك غيرهما.

  وانحرف عن أبي العتاهية بعد ذلك.

  يرد على أبي العتاهية حين اتهمه بالحرص في شعر له

  أخبرني محمد بن يحيى الصوليّ، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: أخبرني محمد بن إسماعيل السّدوسي، قال: حدّثني جعفر العاصمي، وأخبرني عمي، عن أحمد بن أبي طاهر، عن القاسم بن الحسن، عن زكريا بن يحيى المدائني، عن علي بن المبارك القضاعيّ، عن سلم الخاسر.

  أن أبا العتاهية لما قال هذا الشعر فيه كتب إليه:

  ما أقبح التزهيد من واعظ ... يزهّد الناس ولا يزهد

  لو كان في تزهيده صادقا ... أضحى وأمسى بيته المسجد

  ورفض الدنيا ولم يلقها ... ولم يكن يسعى ويسترفد


(١) في المختار: الإبريز مكان (الدر)، والإبريز من الذهب: خالصه.

(٢) العقيان: الذهب الخالص.

(٣) ف: «أخبرني عبيد اللَّه بن عمار».

(٤) مم: «ومحمد بن القاسم».

(٥) كذا في ف، ومغيبه بدل من حريص، وفي س: «معيبه»، وهو تحريف. وفي المختار: ما فتشت عن حريص قط إلا انكشف.

(٦) البدور، جمع البدرة، بفتح فسكون، وهي: قدر كبير من المال.