أخبار سلم الخاسر ونسبه
  الغلام، ولا اشترى لحما فيطبخه فيأكل منه. والرأس آكل منه ألوانا: آكل منه عينيه لونا، ومن غلصمته(١) لونا، ومن دماغه لونا.
  ابتلاؤه بالكيمياء ثم انصرافه عنها
  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدثنا يحيى بن الحسن الربيعيّ، قال: أخبرني أبي، قال:
  كان سلم الخاسر قد بلي بالكيمياء فكان يذهب بكلّ شيء له باطلا، فلما أراد اللَّه ø أن يصنع(٢) له عرّف أنّ بباب الشام صاحب كيمياء عجيبا، وأنه لا يصل إليه أحد إلا ليلا، فسأل عنه فدلوه عليه.
  قال: فدخلت إليه إلى موضع معور(٣)، فدققت الباب فخرج إليّ، فقال: من أنت عافاك اللَّه؟ فقلت: رجل معجب بهذا العلم. قال: فلا تشهرني، فإني رجل مستور، إنما أعمل للقوت. قال: قلت: لأني لا أشهرك، إنما أقتبس منك، قال: فاكتم ذلك. قال: وبين يديه كوز شبه(٤) صغير. فقال لي: اقلع عروته، فقلعتها. فقال: اسبكها في البوطقة، فسبكتها، فأخرج شيئا من تحت مصلَّاه، فقال: ذرّه عليه، ففعلت. فقال: أفرغه، فأفرغته. فقال:
  دعه معك، فإذا أصبحت فأخرج، فبعه وعد إليّ، فأخرجته إلى باب الشام، فبعت المثقال بأحد وعشرين درهما، ورجعت إليه فأخبرته. فقال: اطلب الآن ما شئت. قلت: تفيدني. قال: بخمسمائة درهم على أن لا تعلَّمه أحدا، فأعطيته، وكتب لي صفة، فامتحنتها، فإذا هي باطلة. فعدت إليه، فقيل لي: قد تحوّل، وإذا عروة الكوز المشبّه(٥) من ذهب مركبة عليه، والكوز شبه. ولذلك كان يدخل إليه من يطلبه ليلا، ليخفى عليه، فانصرفت، وعلمت أن اللَّه ø أراد بي خيرا، وأن هذا كله باطل.
  يرثي البانوكة بنت المهدي
  أخبرني محمد بن عمران الصيرفيّ، قال: حدثنا العنزيّ، قال: حدّثني أبو مالك اليماني، قال: حدّثني أبو كعب، قال:
  لما ماتت البانوكة بنت المهدي رثاها سلم الخاسر بقوله:
  أودى ببانوكة ريب الزمان ... مؤنسة المهديّ والخيزران
  لم تنطو الأرض على مثلها ... مولودة حنّ لها الوالدان
  بانوك يا بنت إمام الهدى ... أصبحت من زينة أهل الجنان
  بكت لك الأرض وسكَّانها ... في كل أفق بين إنس وجان
(١) الغلصمة: اللحم بين العنق والرأس، وتطلق على غير ذلك.
(٢) يصنع له: يريد الخير له.
(٣) معور: لا يؤمن الشر فيه، من أعور الفارس: إذا بدا فيه موضع خلل للضرب.
(٤) الشبه: النحاس الأصفر.
(٥) المشبه: الملبس الَّذي لا تعرف حقيقته.