أخبار سلم الخاسر ونسبه
  أسلم بن عمرو قد تعاطيت غاية ... تقصّر عنها بعد طول عنائكا
  فأقسم لولا ابن الربيع ورفده ... لما ابتلَّت الدّلو الَّتي في رشائكا
  وما نلت مذ صوّرت إلا عطيّة ... تقوم بها مصرورة في ردائكا
  مات عن غير وارث فوهب الرشيد تركته
  حدّثني وسواسة بن الموصليّ، وهو محمد بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدّثني حماد، عن أبيه.
  قال:
  استوهب أبي من الرشيد تركة سلم الخاسر، وكان قد مات عن غير وارث، فوهبها له قبل أن يتسلَّمها صاحب المواريث، فحصّل منها خمسين ألف دينار.
  أخبرني عمي، قال: حدّثني أبو هفّان، عن سعيد بن هريم وأبي دعامة أنه رفع إلى الرشيد أن سلما الخاسر قد توفي، وخلَّف ممّا أخذه منه خاصة ومن زبيدة ألف ألف وخمسمائة ألف درهم سوى ما خلَّفه من عقار وغيره مما اعتقده(١) قديما، فقبضه الرشيد. وتظلم إليه مواليه من آل أبي بكر الصديق، رضوان اللَّه عليه، فقال: هذا / خادمي ونديمي، والَّذي خلَّفه من مالي، فأنا أحقّ به، فلم يعطهم إلا شيئا يسيرا من قديم أملاكه.
  رثاؤه معن بن زائدة ومالكا وشهابا ابني عبد الملك بن مسمع
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ، قال: حدثنا عيسى بن إسماعيل، عن القحذميّ، قال: كان مالك وشهاب ابنا عبد الملك بن مسمع ومعن بن زائدة متواخين، لا يكادون يفترقون. وكان سلم الخاسر ينادمهم ويمدحهم، ويفضلون عليه ولا يحوجونه إلى غيرهم، فتوفّي مالك ثم أخوه ثم معن في مدة متقاربة، فقال سلم يرثيهم:
  عين جودي بعبرة تهتان(٢) ... وانذبي من أصاب ريب الزمان
  وإذا ما بكيت قوما كراما ... فعلى مالك أبي غسّان
  أين معن أبو الوليد ومن كا(٣) ... ن غياثا للهالك الحيران
  طرقتك المنون لا واهي الحب ... ل ولا عاقدا بحلف يمان
  وشهاب وأين مثل شهاب ... عند بذل النّدى وحرّ الطَّعان
  ربّ خرق(٤) رزئته من بني قي ... س وخرق رزئت من شيبان
  درّ(٥) درّ الأيام ماذا أجنّت(٦) ... منهم في لفائف الكتان(٧)!
  ذاك معن ثوى ببست(٨) رهينا ... وشهاب ثوى بأرض عمان
(١) اعتقده: جمعه.
(٢) عبرة تهتان: منصبة، وصف بالمصدر.
(٣) ف: «وقد كان».
(٤) الخرق: السخي، أو الظريف في سخاوة.
(٥) در: كثر، والدر: اللبن. ودردره: دعاء له بكثرة الخير؛ والمراد هنا التعجب.
(٦) أجنت: وارت.
(٧) مم: «الأكفان».
(٨) س: «يئست»، تحريف.