أخبار فضل الشاعرة
  كتبت فضل الشاعرة إلى سعيد بن حميد أيام كانت بينهما محبة وتواصل:
  وعيشك لو صرّحت باسمك في الهوى ... لأقصرت عن أشياء في الهزل والجدّ
  ولكنني أبدي لهذا مودّتي ... وذاك، وأخلو فيك بالبثّ والوجد
  مخافة أن يغري بنا قول كاشح ... عدوّا(١) فيسعى بالوصال إلى الصدّ
  فكتب إليها سعيد:
  تنامين عن ليلى وأسهره وحدي ... وأنهى جفوني أن تبثّك ما عندي
  فإن كنت لا تدرين ما قد فعلته ... بنا فانظري ما ذا على قاتل العمد؟
  قال عمي: هكذا ذكر ابن مهرويه.
  وحدّثني به عليّ بن الحسين بن عبد الأعلى، فذكر أن بيتي سعيد كانا الابتداء، وأن أبيات فضل كانت الجواب. وذكر لهما خبرا في عتاب عاتبها به، ولم أحفظه، وإنما سمعته يذكره، ثم أخرج إليّ كتابا بعد ذلك فيه أخبار عن عليّ بن الحسين، فوجدت هذا الخبر فيه، فقرأته عليه.
  قال عليّ بن الحسين بن عبد الأعلى:
  / حضر سعيد بن حميد مجلسا حضرته فضل الشاعرة وبنان، وكان سعيد يهواها، وتظهر له هوى، ويتهمها مع ذلك ببنان، فرأى فيها إقبالا شديدا على بنان، فغضب وانصرف، فكتبت إليه فضل بالأبيات الأوّل، وأجابها بالبيتين الآخرين، فاتفقت رواية ابن مهرويه وعليّ بن الحسين في هذا الخبر.
  تعتذر من حجب زائرين عنها دون علمها
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدّثني أبو يوسف بن الدقاق الضرير، قال:
  صرت أنا وأبو منصور الباخرزيّ إلى منزل فضل الشاعرة فحجبنا عنها وانصرفنا، وما علمت بنا، ثم بلغها مجيئنا وانصرافنا فكرهت ذلك وغمّها، فكتبت إلينا تعتذر:
  وما كنت أخشى أن تروا لي زلَّة ... ولكنّ أمر اللَّه ما عنه مذهب
  أعوذ بحسن الصفح منكم وقبلنا ... بصفح وعفو ما تعوّذ مذنب
  فكتب إليها أبو منصور الباخرزيّ:
  لئن أهديت عتباك لي ولإخوتي ... فمثلك يا فضل الفضائل(٢) يعتب
  إذا اعتذر الجاني محا العذر ذنبه ... وكلّ امرئ لا يقبل العذر مذنب
  شعرها للمتوكل وقد يئست من إيقاظه لموعد بينهما
  حدّثني عليّ بن هارون بن عليّ بن يحيى المنجّم، قال: حدّثني عمّي عن جدّي، قال:
  قال لي المتوكل يوما - وفضل واقفة بين يديه: يا عليّ، كان بيني وبين فضل موعد، فشربت شربا فيه فضل،
(١) في س: «عدو»، بالرفع.
(٢) في مم: «الفواضل».