كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار فضل الشاعرة

صفحة 207 - الجزء 19

  العيان، وأمنّيها ما قد حيل دونه. واللَّه إنّ إرسالي إليها بعد ما قد لاح من تغيرها لذلّ، وإنّ عدولي عنها وفي أمرها شبهه لعجز، وإنّ تصبري عنها لمن دواعي التلف، وللَّه درّ محمد بن أمية⁣(⁣١) حيث يقول:

  يا ليت شعري ما يكون جوابي ... أمّا الرسول فقد مضى بكتابي

  وتعجّلت نفسي الظنون وأشعرت ... طمع الحريص وخيفة المرتاب

  وتروعني حركات كلّ محرّك ... والباب يقرعه وليس ببابي

  كم نحو باب الدار لي من وثبة ... أرجو الرسول بمطمع كذّاب

  والويل لي من بعد هذا كلَّه ... إن كان ما أخشاه ردّ جوابي

  تعتذر إلى بنان وقد غضب عليها فلا يقبل عذرها

  حدّثني جحظة، قال: حدّثني عليّ بن يحيى المنجّم، قال:

  غضب بنان على فضل الشاعرة في أمر أنكره عليها، فاعتذرت إليه، فلم يقبل معذرتها، فأنشدتني لنفسها في ذلك:

  يا فضل صبرا إنها ميتة ... يجرعها الكاذب والصادق

  ظنّ بنان أنني خنته ... روحي إذا من بدني طالق

  تجيز بيتا لعلي بن الجهم طلب إليها إجازته

  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدّثني أبو العباس المروزيّ، قال:

  قال المتوكل لعليّ بن الجهم: قل بيتا، وطالب فضل الشاعرة بأن تجيزه، فقال عليّ: أجيزي يا فضل:

  /

  لاذ بها يشتكي إليها ... فلم يجد عندها ملاذا

  قال: فأطرقت هنيهة ثم قالت:

  فلم يزل ضارعا إليها ... تهطل أجفانه رذاذا

  فعاتبوه فزاد عشقا ... فمات وجدا فكان ماذا؟

  فطرب المتوكل، وقال: أحسنت وحياتي يا فضل، وأمر لها بمائتي دينار، وأمر عريب فغنّت في الأبيات.

  قال مؤلف هذا الكتاب⁣(⁣٢): أعرف في هذه الأبيات هزجا لا أدري أهو هذا اللحن، أم غيره؟ ولم أره في أغاني عريب، ولعله شذّ عنها.

  صوت

  أمامة لا أراك اللَّا ... هـ ذل معيشة أبدا

  ألا تستصلحين فتى ... وقاك السوء قد فسدا

  غلام كان أهلك مرّ ... ة يدعونه ولدا


(١) ف: «محمد بن أبي أمية».

(٢) ف: «قال الأصفهاني».