كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علي بن جبلة

صفحة 223 - الجزء 20

  كلّ من في الأرض من عرب ... بين باديه إلى حضره

  مستعير منك مكرمة ... يكتسيها يوم مفتخره

  إنما الدنيا أبو دلف ... بين مبدأه ومحتضره

  فإذا ولَّى أبو دلف ... ولَّت الدنيا على أثره

  فلما وصل إلى أبي دلف - وعنده من الشعراء وهم لا يعرفونه - استرابوه بها، فقال له قائدة: إنهم قد اتهموك، وظنوا أن الشعر لغيرك، فقال: أيها الأمير، إنّ المحنة تزيل هذا، قال: صدقت فامتحنوه.

  القصيدة الَّتي امتحن بها في وصف فرس أبي دلف:

  فقالوا له: صف فرس الأمير، وقد أجّلناك ثلاثا، قال: فاجعلوا معي رجلا تثقون به يكتب ما أقول، فجعلوا معه رجلا، فقال هذه القصيدة في ليلته، وهي:

  ريعت لمنشور على مفرقه ... ذمّ لها عهد الصّبا حين انتسب

  أهداب⁣(⁣١) شيب جدد في رأسه ... مكروهة الجدّة أنضاء العقب⁣(⁣٢)

  أشرقن في أسود أزرين به ... كان دجاه لهوى البيض سبب

  وأعتقن أيام الغواني والصّبا ... عن ميّت مطلبه حيّ⁣(⁣٣) الأدب

  لم يزدجر مرعويا حين ارعوى ... لكن يد لم تتصل بمطَّلب

  لم أر كالشيب وقارا يجتوى ... وكالشّباب الغضّ ظلَّا يستلب

  فنازل لم يبتهج بقربه ... وذاهب أبقى جوى حين ذهب

  كان الشباب لمّة أزهى بها ... وصاحبا حرّا عزيز المطحب

  / إذ أنا أجري سادرا في غيه ... لا أعتب الدهر إذا الدهر عتب

  أبعد شأو اللهو في إجرائه ... وأقصد الخود وراء المحتجب

  وأذعر الرّبرب عن أطفاله ... بأعوجيّ⁣(⁣٤) دلفيّ المنتسب

  تحسبه من مرح العزّ به ... مستنفرا بروعة أو ملتهب

  مرتهج⁣(⁣٥) يرتجّ من أقطاره ... كالماء جالت فيه ريح فاضطرب

  تحسبه أقعد في استقباله ... حتى إذا استدبرته قلت أكبّ


(١) كذا في أ. وفي ب، ج، س، مد: «أهدام»، جمع هدم بكسر فسكون، وهو الثوب البالي، أو المرقع.

(٢) العقب: جمع عقبة، وهي النوبة.

(٣) ب، س: «حب»، تحريف.

(٤) أعوجي: منسوب إلى أعوج، فرس لبني هلال.

(٥) مرتهج: يثير الغبار.