كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علي بن جبلة

صفحة 238 - الجزء 20

  أقاموا الدّيدبان على يقاع ... وقالوا لا تنم للدّيدبان

  فإن آنست شخصا من بعيد ... فصفّق بالبنان على البنان

  تراهم خشية الأضياف خرسا ... ويأتون الصلاة بلا أذان

  يمدح حميدا الطوسي فيعطيه ألف دينار كان أمر بالتصدّق بها:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدّثني أبي قال: حدّثني وهب بن سعيد المروزيّ، كاتب حميد الطوسيّ، قال:

  جئت حميدا في أول يوم من شهر رمضان، فدفع إليّ كيسا فيه ألف دينار، / وقال: تصدّقوا بهذه. وجاءه ابنه أصرم فسلَّم عليه ودعا له، ثم قال له: خادمك عليّ بن جبلة بالباب، فقال: وما أصنع به؟ جئتني به يا بني تقابلني بوجهه في أول يوم من هذا الشهر. فقال: إنه يجيد فيك القول. قال: فأنشدني بيتا مما تستجيد له: فأنشده قوله:

  حيدي حياد⁣(⁣١) فإنّ غزوة جيشه ... ضمنت لجائلة السباع عيالها

  فقال: أحسن. ائذنوا له، فدخل فسلَّم، ثم أنشده قوله:

  إن أبا غانم حميدا ... غيث على المعتفين هامي

  صوّره اللَّه سيف حتف ... وباب رزق على الأنام

  يا مانع الأرض بالعوالي ... والنّعم الجمة العظام

  ليس من السّوء في معاذ ... من لم يكن منك في ذمام

  وما تعمّدت فيك وصفا ... إلا تقدّمته أمامي

  فقد تناهت بك المعالي ... وانقطعت مدة الكلام

  أجدّ شهرا وأبل شهرا ... واسلم على الدهر ألف عام

  / قال: فالتفت إليّ حميد، وقال: أعطه ذلك الألف الدينار حتى يخرج للصدقة غيره.

  يستشفع بحميد الطوسي إلى أبي دلف وكان غضب عليه:

  حدّثني عمي قال: حدّثني يعقوب بن إسرائيل قال: حدّثني أبو سهيل عن سالم مولى حميد الطَّوسيّ قال:

  جاء عليّ بن جبلة إلى حميد الطوسيّ مستشفعا به إلى أبي دلف - وقد كان غضب عليه وجفاه - فركب معه إلى أبي دلف شافعا، وسأله في أمره، فأجابه واتصل الحديث / بينهما وعليّ بن جبلة محجوب، فأقبل على رجل إلى جانبه وقال: اكتب ما أقول لك، فكتب:

  لا تتركَّى بباب الدار مطَّرحا ... فالحر ليس عن الأحرار يحتجب

  هبنا بلا شافع جئنا ولا سبب ... ألست أنت إلى معروفك السبب؟


(١) حيدي حياد: أمر بالحيدودة والروغان، يقولونه في الحرب خطابا للخيل المغيرة، ألا تلزم جانبا واحدا، حتى لا يجد هارب مهربا، ولا متحصن ملجأ. ونظيره: فيحي فياح، أي انتشري وتفرّقي هنا وهناك.