كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علي بن جبلة

صفحة 237 - الجزء 20

  «أحب» جارية وأحبته على قبح وجهه:

  أخبرني عمي قال: حدثنا أحمد بن الطيب السّرخسيّ قال: حدثنا ابن أخي عليّ بن جبلة العكوّك - قال أحمد:

  وكان عليّ جارنا بالربض⁣(⁣١) هو وأهله، وكان أعمى وبه وضح. وكان يهوى جارية أديبة ظريفة شاعرة وكانت تحبّه هي أيضا على قبح وجهه وما به من الوضح، حدّثني بذلك عمرو بن بحر الجاحظ.

  قال عمرو: وحدّثني العكوّك أن هذه الجارية زارته يوما وأمكنته من نفسها حتى افتضّها. قال، وذلك عنيت في قولي:

  ودم أهدرت من رشإ ... لم يرد عقلا على هدره

  وهي القصيدة الَّتي مدح بها أبا دلف، يعني بالدم: دم البضع⁣(⁣٢).

  يستأذن على حميد الطوسي فيمتنع، ثم يأذن له فيمدحه:

  قال: ثم قصدت حميدا بقصيدتي الَّتي مدحته بها، فلما استؤذن لي عليه أبي أن يأذن لي، وقال: قولوا له: أيّ شيء أبقيت لي بعد قولك في أبي دلف:

  إنما الدنيا أبو دلف ... بين مبدأه ومحتضره

  / فإذا ولَّى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره

  فقلت للحاجب: قل للَّه: الَّذي قلت فيك أحسن من هذا، فإن وصّلتني سمعته، فأمر بإيصالي، فأنشدت قولي فيه:

  /

  إنما الدنيا حميد ... وأياديه الجسام

  فإذا ولَّى حميد ... فعلى الدنيا السّلام

  فأمر بمائتي دينار، فنثرتها في حجر عشيقتي، ثم جئته بقصيدتي الَّتي أقول فيها:

  دجلة تسقي وأبو غانم ... يطعم من تسقي من الناس

  فأمر لي بمائتي دينار.

  شعره حين غضبت عليه الجارية الَّتي أحبها:

  حدّثني عمي قال: حدّثني أحمد بن الطيب قال: حدّثني ابن أخي عليّ بن جبلة أيضا: أن عمه عليّا كان يهوى جارية، وهي هذه القينة، وكانت له مساعدة، ثم غضبت عليه، وأعرضت عنه، فقال فيها:

  تسيء ولا تستنكر السوء إنها ... تدلّ بما تتلوه عندي وتعرف

  فمن أين ما استعطفتها لم ترقّ لي ... ومن أين ما جربت صبري يضعف

  ينشد لنفسه أقبح ما قيل في ترك الضيافة:

  أخبرني حبيب بن نصر قال: حدثنا عمر بن شبة قال:

  تذاكرنا يوما أقبح ما هجي به الناس في ترك الضيافة وإضاعة الضيف، فأنشدنا عليّ بن جبلة لنفسه:


(١) هو ربض حرب. ويعرف بالحربية، محلة ببغداد.

(٢) البضع: الفرج.