كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار التيمي ونسبه

صفحة 250 - الجزء 20

  لم يكن ما كان فيها ... من حرام بحرام

  لم تكن إلا فواقا ... وهي في ليل التّمام

  الغناء لإسحاق فقال: فصنع فيها إسحاق لحنا وغنى به الرشيد، فسأله عن قائل الشعر، فقال له: صديق لي شاعر ظريف، يعرف بالتيميّ، فطلبت وأمرت بالحضور، فسألت عن السبب الَّذي دعيت له فعرفته، فأتممت الشعر وجعلته قصيدة مدحت بها هارون. ودخلت إليه فأنشدته إياها، فأمر له بثلاثين ألف درهم، وصرت في جملة من يدخل إليه بنوبة وأمر أن يدوّن شعري.

  يجتاز بإسحاق الموصلي فيدعوه إلى طعام وشراب:

  أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال: حدثنا حماد بن إسحاق قال: حدّثني عمي طيّاب بن إبراهيم الموصليّ قال: حدّثني أبو محمد التّيميّ الشاعر قال:

  اجتزت يوما بأخيك إسحاق فقال: ادخل حتى أطعمك طعاما صرفا، وأسقيك شرابا صرفا وأغنيك غناء صرفا، فدخلت إليه، فأطعمني لحما مكبّبا، وشواء حارّا وباردا مبرّزا، وأسقاني شرابا عتيقا صرفا، وغنّاني وحده مرتجلا:

  ولو أن أنفاسي أصابت بحرّها ... حديدا إذا كاد الحديد يذوب

  ولو أن عيني أطلقت من وكائها⁣(⁣١) ... لما كان في عام الجدوب جدوب

  / ولو أن سلمى تطلع الشمس دونها ... وأمسي وراء الشمس حين تغيب

  لحدثت نفسي أن تريع⁣(⁣٢) بها النوى ... وقلت لقلبي إنها لقريب

  فلم تزل تلك حالي حتى حملت من بيته سكران⁣(⁣٣).

  يستأذن عمرو بن مسعدة في الإنشاد فيجعل الإذن لإسحاق الموصلي فيأذن:

  أخبرني جحظة قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال:

  دخلت يوما على عمرو بن مسعدة، فإذا أبو محمد التّيميّ واقف بين يديه يستأذنه في الإنشاد، فقال: ذاك إلى أبي محمد - يعنيني - وكان على التّيمي عاتبا، فكره أن يمنعه لعلمه بما بيننا من المودة، فقلت له: أنشد إذ جعل الأمر إليّ، فأرجو أن يجعل أمر الجائزة أيضا إليّ. / فتبسم عمرو، وأنشده التيميّ:

  يا أبا الفضل كيف تغفل⁣(⁣٤) عني ... أم تخلَّى عند الشدائد منّي؟

  أنسيت الإخاء والعهد والودّ ... حديثا ما كان ذلك ظني

  أنا من قد بلوت في سالف ال ... دهر مضت شرّتي ولم تفن سني


(١) الوكاء في الأصل: رباط القربة وغيرها.

(٢) تريع: ترجع.

(٣) في أ، ب، ج: «سكرا».

(٤) في ب، س: «تعقل»، تحريف.