كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار التيمي ونسبه

صفحة 251 - الجزء 20

  فاصطنعني لما ينوب به الد ... هر فإني أجوز في كل فن

  أنا ليث على عدوّك سلم لك ... في الحرب فابتذلني وصلني⁣(⁣١)

  أنا سيف يوم الوغى وسنان ... ومجنّ إن لم تثق بمجن

  أنا طبّ في الرأي في موضع الرأ ... ى معين على الخصيم المعنّ⁣(⁣٢)

  وأمين على الودائع والسرّ ... إذا ما هويت أن تأتمني

  / قال: فأقبل عليّ عمرو وهو يضحك، وقال: أتعلَّم هذا الغناء منك أم كان يعلمه⁣(⁣٣) قديما؟ فقلت له: لم يكذب، أعزك اللَّه. فقال: أفي هذا وحده أو في الجميع؟ فقلت: أما في هذا فأنا أحقّ كذبة، واللَّه أعلم بالباقي. ثم أنشده:

  وإذا ما أردت حجّا فرحّا ... ل دليل إن نام كلّ ضفن⁣(⁣٤)

  فقال له: إذا عزمنا على الحج امتحناك في هذا، فإني أراك تصلح له، ثم أنشده:

  ولبيب على مقال أبي العب ... اس إني أرى به مسّ جنّ

  فقال: ما أراه أبعد، فقال:

  وهو الناصح الشفيق ولكن ... خاف هيج الزمان⁣(⁣٥) فازورّعني

  وظريف عند المزاح خفيف ... في الملاهي وفي الصبا متثن

  كيف باعدت أو جفوت صديقا ... لا ملولا، لالا⁣(⁣٦) ولا متجن

  صرت بعد الإكرام والأنس أرضى ... منك بالترّهات ما لم تهنّي

  لم تخنّي ولم أخنك ولا والل ... هـ ربي لا خنت من لم يخنى

  إن أكن تبت أو هجرت الملاهي ... وسلافا يجنها بطن دنّ

  فحديثي كالدر فصّل باليا ... قوت يجري في جيد ظبي أغنّ

  فأمر له بخمسة آلاف درهم، فقال له: هذا شيء تطوعت به، فأين موضع حكمي؟ فقال: مثلها، فانصرف بعشرة آلاف درهم.

  يمر بخمار بالحيرة وقد أسن، فينشد شعرا في شربه عنده:

  أخبرني عمي قال: حدّثني محمد بن الحسن بن مسعود قال: حدّثني عليّ بن عمرو قال: / مرّ التيمي بالحيرة على خمّار كان يألفه، وقد أسن التيمي وأرعش، وترك النبيذ. فقال له الخمار: ويحك! أبلغ بك الأمر إلى ما أرى؟


(١) كذا في ب، س، ج. وفي أ، مم، ف، مم: «وصني».

(٢) في هامش ف تعليق على هذا البيت نصه «يرمز لرجل يتدخل فيما لا يعنيه ويعرض نفسه في كل شيء».

(٣) كذا في ب، س. وفي أ، ج: «تعلمه».

(٤) الضفن: الأحمق في عظم خلق.

(٥) ف، مم، مو: «المرار».

(٦) ف: «كلا» بدل «لالا».