كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب ابن أبي عيينة وأخباره

صفحة 264 - الجزء 20

  أبو صفرة يختن وهو شيخ أشمط:

  قال: وقدم الحكم بن أبي العاصي الثّقفيّ أخو عثمان بأعلاج من شهرك⁣(⁣١) في خلافة عمر قد أسلموا، فأمر عمر عثمان بن أبي العاصي أن يختنهم، وقد كان أبو صفرة حاضرا فقال: ما لهؤلاء يطهّرون ليصلوا! قال: إنّهم يختنون.

  قال: إنا واللَّه هكذا مثلهم، قال: فسمع ذلك عثمان بن أبي العاصي، فأمر بأبي صفرة فأجلس على جفنة فختن وإنّه لشيخ أشمط فكان بها من قال: لسنا نشك في أنّ زوجته كذلك، فأخضرت وهي عجوز أدماء، فأمر بها القابلة فنظرت إليها وكشفتها، وإذا هي غير مختونة، وذلك منها قد أحشف⁣(⁣٢)، فأمر بها فخفضت.

  وقال في ذلك زياد الأعجم، وقد غضب على المهلَّب:

  نحن قطعنا من أبي صفرة ... قلفته كي يدخل البصرة

  / لما رأى عثمان غرموله ... أتنّ⁣(⁣٣) على قلفته الشّفره

  من عمل كتاب المثالب:

  وليس هذا من الأقوال المعوّل⁣(⁣٤) عليها، لأن أصل المثالب زياد لعنه اللَّه، فإنه لمّا ادّعي إلى أبي سفيان، وعلم أن العرب لا تقرّ له بذلك مع علمها بنسبه ومع سوء آثاره⁣(⁣٥) فيهم، عمل كتاب المثالب، فألصق بالعرب كلَّها كلّ عيب وعار، وحقّ وباطل، ثم بني على الهيثم بن عديّ - وكان دعيّا - فأراد أن يعرّ⁣(⁣٦) أهل البيوتات تشفّيا منهم، وفعل ذلك أبو عبيدة معمر بن المثنّى، وكان أصله يهوديا، أسلم جدّه على يدي بعض آل أبي بكر الصديق ¥، فانتمى إلى ولاء بني تيم فجدّد كتاب زياد وزاد فيه، ثم نشأ غيلان الشّعوبيّ لعنه اللَّه، وكان زنديقا ثنويّا لا يشكّ فيه، عرف في حياته بعض مذهبه، وكان يورّي عنه في عوراته للإسلام بالتّشعّب والعصبية، ثم انكشف أمره بعد وفاته، فأبدع كتابا عمله لطاهر بن الحسين، وكان شديد التّشعّب والعصبيّة، خارجا عن الإسلام بأفاعيله، فبدأ فيه بمثالب بني هاشم وذكر مناكحهم⁣(⁣٧) وأمهاتهم وصنائعهم، وبدأ منهم بالطَّيّب الطاهر، رسول اللَّه فغمصه⁣(⁣٨) وذكره، ثم والي بين أهل بيته الأذكياء النجباء $، ثم ببطون قريش على الولاء، ثم بسائر العرب، فألصق بهم كلّ كذب وزور، ووضع عليهم كل خبر باطل، وأعطاه على ذلك مائتي ألف درهم فيما بلغني.

  / وإنما جرّ هذا القول، ذكر المهلب وما قيل فيه، وأنّي ذكرته فلم أجد بدّا من ذكر ما روي فيه؛ وفيما مرّ عن أهل النسب، ثم قلت ما عندي.


(١) لعلها شهر كند الَّتي أوردها ياقوت في «معجمه»، وهي مدينة في طرف تركستان قريبة من الجند بينها وبين مدينة خوارزم نحو عشرة أيام أو أقل.

(٢) أحشف: تقبض وصار كالشّنّ.

(٣) كذا في النسخ، ولا يستقيم معها الوزن، ولعلها تحريف آتي.

(٤) ف: «المعمول».

(٥) مي: «ومع سوء آثارها فيهم».

(٦) عرّ فلانا: ساءه.

(٧) مي: «وذكر مناكحتهم».

(٨) غمصه: تهاون بحقه.