كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب ابن أبي عيينة وأخباره

صفحة 282 - الجزء 20

  ورد على ابن أبي عيينة كتاب من بعض أهله بأن أخاه داود خرج إليه ببريد⁣(⁣١)، فمات بهمذان، فقال ابن أبي عيينة عند ذلك يرثيه:

  أنائحة الحمام قفي فنوحي ... على داود رهنا في ضريح

  لدى الأجيال⁣(⁣٢) من همذان راحت ... به الأيام للموت المريح

  ولم يشهد جنازته البواكي ... فتبكيه بمنهلّ سفوح

  وكوني مثله إذ كان حيا ... جوادا بالغبوق وبالصّبوح

  أنائحة الحمام فلا تشحّى ... عليه فليس بالرجل الشحيح

  ولا بمثمّر مالا لدنيا ... ولا فيها بمغمار طموح

  يبيع كثير ما فيها بباق ... ثمين من عواقبه ربيح

  ومن آل المهلَّب في لباب ... لباب الخالص المحض الصريح

  / همو أبناء آخرة ودنيا ... وأهداف المراثي والمديح

  يقدم إلى الكوفة فيحب قينة فيها:

  أخبرني عمي، قال: حدثنا أحمد بن يزيد عن أبيه قال:

  قدم أبو عيينة إلى الكوفة في بعض حوائجه، فعاشره جماعة من وجوه أهلها، وأقام بها مدة، وألف فيها قينة كان يعاشرها وأحبها حبّا شديدا، فقال فيها:

  لعمري لقد أعطيت بالكوفة المنى ... وفوق المنى بالغانيات النّواعم

  ونادمت أخت الشمس حسنا فوافقت ... هواي ومثلي مثلها فلينادم

  وأنشدتها شعري بدنيا فعربدت ... وقالت: ملول عهده غير دائم

  فقلت لها يا ظبية الكوفة اغفري ... فقد تبت مما قلت توبة نادم

  فقالت قد استوجبت منا عقوبة ... ولكن سنرعى فيك روح ابن حاتم

  شعره في بستان له وضيعة:

  قال أحمد بن يزيد، قال لي أبي:

  كان لابن أبي عيينة بستان وضيعة في بعض قطائع المهلَّب بالبصرة، فأوطنها⁣(⁣٣) وصيّرها منزله، وأقام بها، وفيها يقول:


(١) كذا في س، ب. م، أ: «يريده».

(٢) كذا في م، أ. س، ب: «الأجباب»، جمع جب وهو البئر الَّتي لم تطو، أو مما وجد لا مما حفره الناس.

(٣) أوطنها: اتخذها وطنا.