كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن ميادة ونسبه

صفحة 504 - الجزء 2

  المغرب) فقال: إي بأبي أنت، إنه من جاع انتجع، فدعها تسر في الناس فإنه «من يسمع⁣(⁣١) يخل». قال الزبير قال ابن مسلمة⁣(⁣٢): ولمّا قال ابن ميّادة هذه الأبيات قال الحكم الخضريّ يردّ عليه:

  رد عليه الحكم الخضري فخره بأمه وهجاه

  ومالك فيهم من أب ذي دسيعة⁣(⁣٣) ... ولا ولدتك المحصنات الكرائم

  وما أنت إلَّا عبدهم إن تربهم ... من الدهر يوما تستربك المقاسم

  رمى نهبل في فرج أمّك رمية ... بحوقاء تسقيها العروق الثّواجم⁣(⁣٤)

  شاعر مخضرم وضعه ابن سلام في الطبقة السابعة

  قال أبو مسلمة: ونهبل عبد لبني مرّة كانت ميّادة تزوّجته بعد سيّدها، وكانت صقلبيّة. وابن ميّادة شاعر فصيح مقدّم مخضرم من شعراء الدولتين. وجعله ابن سلَّام⁣(⁣٥) في الطبقة السابعة، وقرن به عمر⁣(⁣٦) بن لجأ والعجيف⁣(⁣٧) العقيلي والعجير⁣(⁣٨) السّلوليّ.

  / كان يتعرّض للمهاجاة ويقول لأمه اصبري على الهجو

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدثنا الحسن بن الحسين السّكَّري قال حدّثنا محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال: كان ابن ميّادة عرّيضا للشرّ، طالبا مهاجاة الشعراء ومسابّة الناس. وكان يضرب بيده على جنب أمه ويقول:

  اعرنزمي⁣(⁣٩) ميّاد للقوافي

  أي إني سأهجو الناس فيهجونك.

  وأخبرنا يحيى بن عليّ عن أبي هفّان بهذه الحكاية مثله، وزاد فيها:

  اعرنزمي ميّاد للقوافي ... واستسمعيهنّ⁣(⁣١٠) ولا تخافي


(١) هذا مثل، قال في «اللسان» مادة خال نقلا عن أبي عبيدة: ومعناه من يسمع أخبار الناس ومعايبهم يقع في نفسه عليهم المكروه، وقد فسره بذلك أيضا الميداني في «معجم الأمثال».

(٢) كذا في جميع الأصول ولكن الذي تقدّم في سند هذا الخبر وهو من روى عنه الزبير ذكر باسم أبي مسلمة، وسيذكر بعد قليل أيضا باسم أبي مسلمة في جميع الأصول.

(٣) الدسيعة: كرم الفعل، وقيل: مائدة الرجل إذا كانت كريمة.

(٤) الثواجم: جمع ثاجم، والثاجم: دائم الصب، من قولهم: ثجمت السماء إذا دام مطرها.

(٥) اطلعنا على «طبقات الشعراء» لابن سلام فلم نجد فيها ذكرا لابن ميادة.

(٦) عمر بن لجأ التيميّ من تيم الرباب عدّه ابن سلام في الطبقة الرابعة وذكر له شيئا من شعره. وورد ذكره في «الأغاني» (ج ٧ ص ٤٤ و ٤٨ و ٦٨ و ٧٢ و ٧٣ و ٧٤ وج ١٦ ص ١١٥ وج ١٩ ص ٢٢ طبع بولاق).

(٧) العجيف العقيلي لم يرد ذكره في ابن سلام، وورد في «الأغاني» (ج ١٦ ص ١٢٤ و ١٢٥ طبع بولاق).

(٨) العجير بن عبد اللَّه السلوليّ عدّه ابن سلام في الطبقة الخامسة وله ترجمة في «الأغاني» (ج ١١ ص ١٥٢ - ١٥٩ طبع بولاق).

ولهذا لا يستبعد أن يكون أبو الفرج قد أخطأ الرواية في هذا النقل أو أنه روى ذلك مشافهة عن ابن سلام، وابن سلام لم يذكره في كتابه كما أخبره بأن يكون غير رأيه بعد حين تدوينه كتابه، أو أن أبا الفرج اطلع على نسخة أخرى من الطبقات دخلها النقص فيما بعد حتى وصلت إلينا كما هي الآن.

(٩) أعرنزمي: اشتدّي، يقال: اعرنزم الشيء إذا اشتدّ وصلب.

(١٠) استسمع: سمع.