كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن ميادة ونسبه

صفحة 505 - الجزء 2

  ستجدين ابنك ذا قذاف⁣(⁣١)

  استنشد امرأة أمام أمه عما قيل في هجوها فأنشدته

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثنا داود بن علَّفة الأسديّ قال: جاورت امرأة من الخضر: (رهط الحكم الخضريّ) أبيات ابن ميّادة، فجاءت ذات يوم تطلب رحى وثفالا⁣(⁣٢) لتطحن، فأعاروها إيّاهما فقال لها ابن ميّادة: يا أخت الخضر، أتروين شيئا مما قاله الحكم الخضريّ لنا، يريد بذلك أن تسمع أمّه، فجعلت تأبى، فلم يزل حتى أنشدته:

  أميّاد قد أفسدت سيف ابن ظالم ... ببظرك حتى عاد أثلم باليا

  قال: وميّادة جالسة تسمع. فضحك الرّماح، وثارت ميّادة إليها بالعمود تضربها به وتقول: أي زانية! هيا زانية! أإيّاي تعنين! وقام ابن ميّادة يخلَّصها، فبعد لأي⁣(⁣٣) مّا أنقذها، وقد انتزعت منها الرّحى والثّفال.

  كان معه شماطيط وورد عليه هجاء أمه فأسمعه إياه

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزبير بن بكَّار قال حدّثني أبو حرملة منظور بن أبي عديّ الفزاريّ قال حدّثني شماطيط - وهو الذي يقول:

  أنا شماطيط الذي حدّثت به ... متى أنبّه للغداء أنتبه⁣(⁣٤)

  حتى يقال⁣(⁣٥) شره ولست به⁣(⁣٦)

  - قال: كنت جالسا مع ابن ميّادة فوردت عليه أبيات للحكم الخضريّ يقول فيها:

  أأنت ابن أشبانيّة أدلجت به ... إلى اللؤم مقلات⁣(⁣٧) لئيم جنينها

  - أشبانية: صقلبيّة - قال: وأمه ميّادة تسمع فضرب جنبها وقال:

  اعرنزمي ميّاد للقوافي

  فقالت: هذه جنايتك يا بن من خبث وشرّ، وأهوت إلى عصا تريد ضربه بها؛ ففرّ منها وهو يقول:

  يا صدقها ولم تكن صدوقا

  فصحت به: أيّهما المعنيّ؟ فقال: أضرعهما خدّين وألأمهما جدّين؛ فضربت جنبها الآخر وقلت: فهي إذا


(١) ذا قذاف: ذا نضال ومراماة.

(٢) الثفال: جلد يبسط تحت الرحى ليسقط عليه الدقيق.

(٣) لأي: جهد وشدّة.

(٤) يقال: أنبهه فآنتبه، ونبهه فتنبه. وكان حق الشاعر أن يقول: اتنبه لأنه قال: «أنبه» ومطاوع فعل إنما هو تفعل. لكن لما كان أنبه في معنى أنبه جاز له أن يأتي بمطاوعه وهو انتبه.

(٥) روي برفع «يقال» لأنه أريد منه الحال، وإذا أريد من الفعل بعد حتى الحال رفع. انظر «لسان العرب» مادة شمط.

(٦) ورد هذا الشعر في «لسان العرب» في مادة «شمط» وجاء فيه هذا الشطر عجزا لصدر لم يذكره المؤلف هنا. وأصل البيت:

ثم أنزّ حوله وأحتبه ... حتى يقال سيد ولست به

والهاء في قوله «وأحتبه» زائدة للوقف.

(٧) امرأة مقلات: ليس لها إلا ولد واحد.