كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار دعبل بن علي ونسبه

صفحة 305 - الجزء 20

  كان يضرب في الأرض فلا يؤذيه الشراة ولا الصعاليك:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدّثني أحمد ابن أبي كامل قال:

  كان دعبل يخرج فيغيب سنين، يدور الدنيا كلَّها، ويرجع وقد أفاد وأثري. وكانت الشّراة والصعاليك يلقونه فلا يؤذونه، ويؤاكلونه ويشاربونه ويبرونه، وكان إذ لقيهم وضع طعامه وشرابه، ودعاهم إليه، ودعا بغلاميه ثقيف وشعف، وكانا مغنيين، فأقعدهما يغنيان، وسقاهم وشرب معهم، وأنشدهم، فكانوا قد عرفوه، وألفوه لكثرة أسفاره، وكانوا يواصلونه ويصلونه. وأنشدني دعبل بن علي لنفسه في بعذ أسفاره:

  حللت محلا يقصر البرق دونه ... ويعجز عنه الطيف أن يتجشما

  يعده البحتري أشعر من مسلم بن الوليد:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال:

  قال لي البحتريّ: / دعبل بن عليّ أشعر عندي من مسلم بن الوليد، فقلت له: وكيف ذلك؟ قال: لأن كلام دعبل أدخل⁣(⁣١) في كلام العرب من كلام مسلم، ومذهبه أشبه بمذاهبهم. وكان يتعصب له.

  يهجو صاحب بيت دب إلى رجل بات عنده:

  أخبرني الحسن قال: حدثنا ابن مهرويه قال: حدثنا الفضل بن الحسن بن موسى البصريّ قال:

  بات دعبل ليلة عند صديق له من أهل الشأم، وبات عندهم رجل من أهل بيت / لهياني⁣(⁣٢) يقال له حويّ بن عمرو السّككيّ جميل الوجه، فدبّ إليه صاحب البيت، وكان شيخا كبيرا فانيا قد أتى عليه حين، فقال فيه دعبل:

  لولا حوى لبيت لهياني ... ما قام أير العزب⁣(⁣٣) الفاني

  له دواة في سراويله ... يليقها⁣(⁣٤) النازح والداني

  قال: وشاع هذان البيتان، فهرب حويّ من ذلك البلد، وكان الشيخ إذا رأى دعبلا سبّه، وقال: فضحتني أخزاك اللَّه.

  يتمنى موت من تكون له منة عنده:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثني ابن مهرويه قال: حدّثني محمد بن الأشعث قال: سمعت دعبلا يقول:

  ما كانت لأحد قطَّ عندي منّة إلَّا تمنيت موته.

  يهجوه شاعر بالري وهو هناك فيرتحل:

  أخبرني الحسن قال حدثنا ابن مهرويه قال حدثنا محمد بن عمر الجرجانيّ قال: دخل دعبل بن عليّ الرّيّ في


(١) في م، أ: «آخذ».

(٢) س، ب: «لهيان» وفي «معجم البلدان»: بيت لهيان، كذا يتلفظ به. والصحيح الإلاهة، وهي قرية مشهورة بغوطة دمشق، والنسبة إليها بتلهى.

(٣) في أ. س: «الغراب». ب: «الغرب». وكل تحريف.

(٤) لاق الدواة: أصلح مدادها، أو جعل لها ليقة.