أخبار ابن ميادة ونسبه
  فلأوردنّ على جماعة مازن ... خيلا مقلَّصة الحصى ورجالا
  ظلَّوا بذي أرك(١) كأنّ رؤسهم ... شجر تخطَّاه الربيع فحالا
  فقال رجل من بني مازن يردّ عليه:
  يا بن الخبيثة يا بن طلَّة(٢) نهبل ... هلَّا جمعت كما زعمت رجالا
  أببظر(٣) ميدة أم بخصيي نهبل ... أم بالفساة تنازل الأبطالا
  ولئن وردت على جماعة مازن ... تبغي القتال لتلقينّ قتالا
  قال: وبنو مرّة يسمّون الفساة لكثرة امتيارهم التمر، وكانت منازلهم بين فدك وخيبر فلقبوا بذلك لأكلهم التمر. وقال يحيى بن عليّ في خبره - ولم يذكره عن أحد -: وقال ابن ميّادة يفتخر بأمّه:
  شعره في الفخر بنسبه
  أنا ابن ميّادة تهوي نجبي ... صلت(٤) الجبين حسن مركَّبي(٥)
  ترفعني أمي وينميني(٦) أبي ... فوق السحاب ودوين الكوكب
  قال يحيى بن عليّ في خبره عن حمّاد عن أبيه عن أبي داود الفزاريّ: إنّ ابن ميّادة قال يفخر بنسب أبيه في العرب ونسب أمّه في العجم:
  أليس غلام بين كسرى وظالم ... بأكرم من نيطت عليه التمائم(٧)
  لو انّ جميع الناس كانوا بتعلة ... وجئت بجدّي ظالم وابن ظالم
  / لظلَّت رقاب الناس خاضعة لنا ... سجودا على أقدامنا بالجماجم
  سمع الفرزدق شيئا من شعره فانتحله
  فأخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا أبو غسّان دماذ(٩) عن أبي عبيدة قال: كان ابن ميّادة واقفا في الموسم ينشد:
  لو انّ جميع الناس كانوا بتلعة
  وذكر تمام البيت والذي بعده. قال: والفرزدق واقف عليه في جماعة وهو متلثّم، فلما سمع هذين البيتين
(١) ذوأرك (بضمتين): موضع بين تيماء والمدينة، كما في «معجم ما استعجم» للبكريّ طبع أوروبا ص ٢٠٩
(٢) طلة الرجل: امرأته.
(٣) فيء، أ، م: «أببطن».
(٤) صلت الجبين: واضحة. وفي صفة النبيّ ÷ أنه كان صلت الجبين.
(٥) مركبي: يريد جسمي، ومن هذه المادة قوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ}.
(٦) ينميني: يرفعني.
(٧) في هذا الشعر إقواء، وهو اختلاف حركة الرويّ في الأعراب.
(٨) التلعة: ما ارتفع من الأرض وأشرف أو ما انهبط منها وانحدر، فهو من الأضداد. وقيل: التعلة مثل الرحبة.
(٩) راجع الحاشية رقم ١ صحيفة ١٥٣ جزء أوّل من هذه الطبعة.