كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مسكين ونسبه

صفحة 353 - الجزء 20

  بكيت على علج بميسان⁣(⁣١) كافر ... ككسرى على عدّانه⁣(⁣٢) أو كقصيرا

  أقول له لما أتاني نعيّه: به⁣(⁣٣) ... لا بظبي بالصريمة⁣(⁣٤) أعفرا⁣(⁣٥)

  / فقال مسكين يجيبه:

  ألا أيها المرء الَّذي لست قاعدا ... ولا قائما في القوم إلَّا انبرى ليا

  فجئني بعمّ مثل عمي أو أب ... كمثل أبي أو خال صدق كخاليا

  كعمرو بن عمرو أو زرارة ذي الندى ... أو البشر من كلّ فرعت الروابيا

  قال: فأمسك الفرزدق عنه، فلم يجبه، وتكافأ.

  أخبرني ببعض هذا الخبر أبو خليفة عن محمد بن سلَّام، فذكر نحوا مما ذكره / أبو عبيدة وزاد فيه، قال:

  والبشر خال لمسكين من النّمر بن قاسط، وقد فخر به، فقال:

  شريح فارس النعمان عمّي ... وخالي البشر بشر بني هلال

  وقاتل خاله بأبيه منا ... سماعة لم يبع حسبا بمال

  اتقى الفرزدق هجاءه واتقى هو هجاء الفرزدق:

  وأخبرني عمي قال: حدثنا الحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو، عن أبيه بمثل هذه الحكاية، وزاد فيها، قال:

  فتكافّا واتّقاه الفرزدق أن يعين عليه جريرا، واتّقاه مسكين أن يعين عليه عبد الرحمن بن حسان بن ثابت.

  ودخل شيوخ بني عبد اللَّه وبني مجاشع، فتكافا.

  مهاجاته الفرزدق من المحن الَّتي أفلت منها الفرزدق:

  وأخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال: حدثنا أبو غسان دماذ عن أبي عبيدة عن أبي عمرو قال: قال الفرزدق.

  نجوت من ثلاثة أشياء لا أخاف بعدها شيئا: نجوت من زياد حين طلبني، ونجوت من ابني رميلة وقد نذرا دمي وما فلتهما أحد طلباه قطَّ، ونجوت من مهاجاة مسكين الدارميّ؛ لأنه لو هجاني اضطرني أن أهدم شطر حسبي وفخري، لأنه من بحبوحة نسبي وأشراف عشيرتي، فكان جرير حينئذ ينتصف مني بيدي ولساني.

  شعره في الغيرة أشعر ما قيل فيها:

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال: حدّثني محمود بن داود عن أبي عكرمة عامر بن عمران عن مسعود بن بشر عن أبي عبيدة أنه سمعه يقول:


(١) ميسان: كورة بين البصرة وواسط. ورواية «اللسان» و «معجم البلدان»: «أتتبكى امرأ من آل ميسان كافرا».

(٢) عدانه: زمانه وعهده.

(٣) به: الهلاك به لا بما يهمني، أو هو مثل يضرب عند الشماتة، معناه: جعل اللَّه ما أصابه لا زماله مؤثرا فيه، ولا كان مثل الظبي في سلامته.

(٤) الصريمة: موضع.

(٥) أعقر: أبيض ليس بالشديد البياض، أو الَّذي يعلو بياضه حمرة.