كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي محمد ونسبه

صفحة 368 - الجزء 20

  وأصلك مدخول وفسقك ظاهر ... وعجبك مهموز وعردك⁣(⁣١) عارم

  تصانع غسانا لتلحق فيهم ... وربّ دعيّ ألحقته الدراهم

  فإن راب ريب أو أصابتك شدة ... رجعت إلى شلتي وأنفك راغم

  - قال: وكان اسم ابنه شلثي، فصيره صلتا⁣(⁣٢) -

  إذا عاصما يوما أتيت لحاجة ... فلا تلقه إلَّا وأيرك قائم

  / وعرّض له من قبل ذاك بأمرد ... وضيء وسيم أثقلته المآكم

  وإلَّا فلا تسأله ما عشت حاجة ... ولا تبكه إن أعولته المآتم

  يستعينه الغساني على رد ضيعة له قبضت فيعينه:

  قال: فلما حدث ببني برمك ما حدث قبضت ضيعته في المقبوض من ضياع أسبابهم، فصار إليّ وكلَّمني في «أمرها، وسألني كلام الجوهريّ في ذلك، فقمت له حتى ردت الضيعة عليه، فجاءني يشكرني، ويعتذر ممّا جرى من فعله المتقدم، فقلت له: تناس ما مضى، فلست ممن يكافئ على سوء أحدا.

  يتهمه أبو عبيدة بذكر مساوئ الناس في المسجد فيهجوه:

  قال أبو محمد: كان أبو عبيدة يجلس في مسجد البصرة إلى سارية، وكنت أنا وخلف الأحمر نجلس جميعا إلى أخرى، وكان أبو عبيدة من أعضه⁣(⁣٣) الناس للناس وأذكرهم لمثالبهم، فقال لأصحابه: أترون الأحمر واليزيديّ إنما يجتمعان على الوقيعة للناس وذكر مساويهم؟ وبلغني ذلك وأنه قد رمانا بمذهبه، فقلت لخلف: دعه، فأنا أكفيكه. / فلما كان من الأذان جئت أنا وخلف إلى المسجد، فكتبت على الجصّ في الموضع الَّذي كان يجلس فيه أبو عبيدة:

  صلَّى الإله على لوط وشيعته ... أبا عبيدة قل باللَّه آمينا

  قال: وأصبح الناس، وجاء أبو عبيدة، فجلس وهو لا يعلم ما فوق رأسه مكتوبا وأقبل الناس ينظرون إلى البيت ويضحكون، ورفع أبو عبيدة رأسه ونظر إليه، فخجل، ولم يزل منكَّسا رأسه حتى انصرف الناس وأنا وخلف ناحية ننظر إلى ما به، ثم قمنا حتى وقفنا عليه، فقلنا له: ما قال صاحب هذا البيت إلَّا حقا، نعم فصلى اللَّه على لوط، فأقبل عليّ وقال: قد علمت من أين أتيت، ولن أعاود التعرّض لتلك الجهة، ولم يعد لذكرنا بعد ذلك.

  يجفوه يزيد بن منصور فيعاتبه فيعتبه:

  وقال أبو محمد: اعتللت علَّة من حمى ربع⁣(⁣٤) طالت عليّ أشهرا، فجفاني يزيد بن منصور، ولم يمر بي في علتي، ولم يتفقدني كما ينبغي؛ فكتبت رقعة إليه ضمنتها هذه الأبيات:


(١) العرد: الذكر الصلب.

(٢) الصلت: اللص.

(٣) أعضه: وصف من عضه: جاء بالإفك والبهتان.

(٤) حمى الربع: هي الحمى الَّتي تأتي في اليوم الرابع، بأن يحم يوما، ويترك يومين لا يحم، ويحم في اليوم الرابع.