كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إبراهيم

صفحة 385 - الجزء 20

  لكنّ قائدنا الإمام ورأينا ... ما قد رآه فنحن مأمونيه

  يكتب شعرا إلى ابن له أحب غلاما وأحب الغلام غيره:

  أخبرني عمي قال: حدّثني الفضل قال:

  كان لعمي إبراهيم ابن يقال له: إسحاق، وكان يألف غلاما من أولاد الموالي. فلما خرج المعتصم إلى الشام خرج إبراهيم معه، وخرج الغلام الَّذي يألفه في العسكر، وعرف إبراهيم أنه قد صحب فتى من فتيان العسكر غير ابنه، فكتب عمي إبراهيم إلى ابنه:

  قل لأبي يعقوب إن الَّذي ... يعرفه قد فعل الحوبا⁣(⁣١)

  كان محبا لك فيما مضى ... فالآن قد صادف محبوبا

  يركب هذا ذا وذا ذا فما ... ينفك تصعيدا وتصويبا

  فرأس إسحاق فديناه قد ... أظهر شيئا كان محجوبا

  / أرى قرونا قد تجلَّلنه ... منصوبة شعّبن تشعيبا

  أظنه يعجز عن حملها ... إذ ركَّبت في الرأس تركيبا

  يا رحمتا لابني على ضعفه ... يحمل منهن أعاجيبا!

  يسأله ابن أخ له مزيدا من العناية به فيجيبه شعرا:

  حدّثني عمي قال: حدّثني فضل اليزيديّ قال:

  كتبت إلى عمي إبراهيم أستعين به في حاجة لي، وأستزيده من عنايته بأموري، وأطالبه أن يتوفر نصيبي لديه وفيما أبتغيه منه، فكتب إليّ:

  فديتك لو لم تكن لي قريبا ... وكنت امرأ أجنبيّا غريبا

  مع البر منك وما يستجر⁣(⁣٢) ... به مستخفا إليك اللبيبا

  لما إن جعلت لخلق سوا ... ك مثل نصيبك مني نصيبا

  / وكنت المقدّم ممن أودّ ... وازداد حقك عندي وجوبا

  تلطَّف لما قد تكلمت فيه ... فما زلت في الحاج شهما نجيبا

  وراوض أبا حسن إن رأي ... ت واحتل برفقك حتى يجيبا

  فإن هو صار إلى ما تريد ... وإلَّا استعنت عليه الحبيبا

  وما لا يخالف ما تشتهيه⁣(⁣٣) ... لتلفيه غير شك مجيبا


(١) الحوب: الإثم.

(٢) يستجر: من استجر له بمعنى انقاد، وفي ف: «تستجد».

(٣) ف: «ومن لا يخالف ما أشتهيه».