كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

وممن غني في شعرة من ولد أبي محمد اليزيدي أبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي محمد

صفحة 391 - الجزء 20

  / قال: وفطن المعتصم، فعضّ على شفته لأحمد⁣(⁣١)، فقال أحمد للمأمون: واللَّه لئن لم يعلم الحقيقة من أمير المؤمنين لأقعنّ معه فيما أكره، فدعاه المأمون فأخبره الخبر، فضحك المعتصم. فقال له المأمون: كثر اللَّه في غلمانك⁣(⁣٢) مثله، إنما استحسنت شيئا فجرى ما سمعت لا غيره.

  يعدد المأمون الحقوق الَّتي توجب عليه مراعاته له:

  حدّثني الصوليّ قال: حدّثني عون بن محمد قال: حدّثني أحمد بن محمد اليزيديّ قال:

  كنا بين يدي المأمون، فأنشدته مدحا، فقال: لئن كانت حقوق أصحابي تجب عليّ لطاعتهم بأنفسهم فإن أحمد ممن تجب له المراعاة لنفسه وصحبته، ولأبيه وخدمته، ولجدّه / وقديم خدمته وحرمته، وإنه للعريق في خدمتنا، فقلت: قد علَّمتني يا أمير المؤمنين كيف أقول، ثم تنحيت ورجعت إليه، فأنشدته:

  لي بالخليفة أعظم السبب ... فبه أمنت بوائق العطب

  ملك غذتني كفّه وأبي ... قبلي وجدّي كان قبل أبي

  قد خصّني الرحمن منه بما ... أسمو به في العجم والعرب

  فضحك، وقال: قد نظمت يا أحمد ما نثرناه.

  هذا آخر أخبار اليزيديين وأشعارهم الَّتي فيها صنعة.

  صوت⁣(⁣٣)

  أفي كلّ يوم أنت من غبر الهوى ... إلى الشّمّ من أعلام ميلاء ناظر

  بعمشاء من طول البكاء كأنما ... بها خزر أو طرفها متخازر

  عروضه من الطويل، والغبر: البقية من الشيء، يقال: فلان في غبر من علته. وأكثر ما يستعمل في هذا ونحوه، والشمّ: الطوال، والأعلام جمع علم وهو الجبل، قالت الخنساء:

  وإن صخرا لتأثّم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار

  والخزر: ضيق العين وصغرها، ومنه سمي الخزر بذلك لصغر أعينهم، قال الراجز:

  إذا تخازرت وما بي من خزر ... ثم كسرت الطرف من غير عور

  والشعر⁣(⁣٤) لرجل من قيس يقال: كعب، ويلقب بالمخبل. والغناء لإبراهيم، ثقيل أول بالوسطى. ومن الناس من يروي الشعر لغير هذا الرجل وينسبه إلى ذي الرمة، ويجعل فيه مية مكان ميلاء، ويقال: إن اللحن لابن المكيّ، وقد نسب إلى غيرهما، والصحيح ما ذكرناه أولا.


(١) ف: «على أحمد».

(٢) ف: «في غلمان غلمانك».

(٣) الصوت وما وليه من نسختي هد، مل، وقد ورد جزء منه في م.

(٤) المراد بالشعر البيتان الواردان في الصوت.