كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار المخبل القيسي ونسبه

صفحة 395 - الجزء 20

  لعروة بن حزام:

  ألا فاحملاني بارك اللَّه فيكما ... إلى حاضر الرّوحاء⁣(⁣١) ثم ذراني

  أخبرني محمد بن خلف وكيع، قال: حدّثني أبو سعيد القيسي، قال: حدّثني سليمان بن عبد العزيز، قال:

  حدّثني خارجة المالي قال: حدّثني من رأى عروة بن حزام يطاف به حول البيت، قال: فقلت له: من أنت؟ قال: أنا الَّذي أقول:

  أفي كلّ يوم أنت رام بلادها ... بعينين إنسانا هما غرقان؟

  ألا فاحملاني بارك اللَّه فيكما ... إلى حاضر الرّوحاء ثم ذراني

  فقلت: زدني، قال: لا، ولا حرف.

  التغني بالصوت المنسوب إليه يهيج الواثق للإيقاع بشخصين:

  ويقال: إن الَّذي هاج الواثق على القبض على أحمد بن الخصيب وسليمان بن وهب أنه غنّى - هذا الصوت - أعني:

  من الناس إنسانان ديني عليهما

  فدعا خادما كان للمعتصم، ثم قال له: أصدقني وإلَّا ضربت عنقك. قال: سل يا أمير المؤمنين عما شئت، قال: سمعت أبي وقد نظر إليك يتمثّل بهذين البيتين، ويومئ إليك إيماء تعرفه، فمن اللذان عني؟ قال، قال لي:

  إنه وقف على إقطاع أحمد بن الخصيب وسليمان بن وهب ألفي دينار، وأنه يريد الإيقاع بهما. فكان كلما رآني / يتمثل بهذين البيتين. قال: صدقني واللَّه، واللَّه لا سبقاني بهما⁣(⁣٢) كما سبقاه، ثم أوقع بهما.

  وأخبرني محمد بن يحيى الصّوليّ، قال: حدّثني ميمون بن هارون، قال: نظر الواثق إلى أحمد بن الخصيب يمشي، فتمثّل:

  من الناس إنسانان ديني عليهما

  وذكر البيتين، وأشار بقوله:

  خليليّ أمّا أم عمرو فمنهما

  إلى أحمد بن الخصيب. فلما بلغ هذا سليمان بن وهب، قال: إنا للَّه! أحمد بن الخصيب واللَّه أمّ عمرو، وأنا الأخرى. قال: ونكبهما بعد أيام. وقد قيل: إن محمد بن عبد الملك الزيات كان السبب في نكبتهما.

  رواية أخرى لسبب إيقاع الواثق بصاحبيه:

  أخبرنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عون بن محمد الكنديّ، قال: كانت الخلافة أيام الواثق تدور على إيتاخ، وعلى كاتبه سليمان بن وهب، وعلى أشناس وكاتبه أحمد بن الخصيب، فعمل الوزير محمد بن عبد الملك الزيات قصيدة، وأوصلها إلى الواثق على أنها لبعض أهل العسكر، وهي:


(١) الروحاء: موضع بين الحرمين، على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة.

(٢) في س: «بها»، وهو تحريف.