أخبار خالد الكاتب
  وما أنا في أمري(١) ولا في خصومتي ... بمهتضم حقّي ولا قارع سنّي(٢)
  فاحتبسته عندي(٣) يومي ذلك. فلما شرب وطابت نفسه، أنشده لأبي تمام:
  أحبابه لم تفعلون بقلبه ... ما ليس يفعله به أعداؤه؟
  مطر من العبرات خدّي أرضه ... حتى الصباح ومقلتاي سماؤه
  نفسي فداء محمد ووقاؤه ... وكذبت، ما في العالمين فداؤه
  أزعمت أنّ البدر يحكي وجهه ... والغصن حين يميد فيه ماؤه؟
  أسكت(٤) فأين بهاؤه(٥) وكماله ... وجماله(٦) وحياؤه وضياؤه؟
  لا تقر أسماء الملاحة باطلا ... فيمن سواه فإنها أسماؤه
  / ثم قال: وقد عارضه أبو الهيثم - يعني خالدا نفسه - فقال:
  فديت محمدا من كل سوء(٧) ... يحاذر في رواح أو غدوّ
  أيا قمر السماء سفلت حتى ... كأنك قد ضجرت من العلوّ
  رأيتك من حبيبك(٨) ذا بعاد ... وممّن لا يحبك ذا دنوّ
  وحسبك حسرة لك من حبيب ... رأيت زمامه بيدي(٩) عدوّ
  هكذا أخبرني عمي عن خالد، وهذه الأبيات أيضا تروي لأبي تمام.
  يبعث بشعر إلى صديق له عليل:
  وقال ابن أبي طلحة: حدّثني الهلاليّ، قال: مررت بخالد وحوله جماعة ينشدهم فقلت له: يا أبا الهيثم، سلوت عن صديقك(١٠)، قال: لا واللَّه. قلت: فإنه عليل وما عدته، فسكت ساعة ثم رفع رأسه إليّ، وقال:
  زعموا أنني صحوت(١١) وكلَّا ... أشهد اللَّه أنني لن أملَّا
  كيف صبري يا من إذا ازدادتيها ... أبدا زدته خضوعا وذلا؟
  ثم قال: احفظه وأبلغه عني:
(١) في «المختار»: «حقي».
(٢) هد، مل: «بمهتضم حقي ولا سالم خصمي».
(٣) في «المختار»: «يومه عندي».
(٤) في «المختار»: «أقصر».
(٥) في «المختار»: «جماله».
(٦) في «المختار»: «بهاؤه».
(٧) كذا في «المختار»، وفي س: «سو»، وهو تحريف.
(٨) في «المختار»: «محبك».
(٩) في «المختار»: «بيد العدو».
(١٠) في «المختار»، هد: «صديقك فلان».
(١١) في «المختار»: «مللت».