كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار خالد الكاتب

صفحة 407 - الجزء 20

  بجسمي لا بجسمك يا عليل ... ويكفيني من الألم القليل

  تعدّاك السّقام إليّ إني ... على ما بي لعاديه⁣(⁣١) حمول

  إذا ما كنت يا أملي صحيحا ... فحالفني⁣(⁣٢) وسالمك النحول

  / ألست شقيق ما ضمّت ضلوعي ... على أني لعلَّتك العليل

  من شعره في غلام يحبه:

  قال: وحدّثني العباس بن يحيى أنهم كانوا عند عليّ بن المعتصم، فغني في شعر لخالد، فأمر بإحضاره وطلب فلم يوجد، فوجّه إلى غلام كان يتعشقه فأحضر، وسأله عنه فدلّ عليه، وقال: كنّا نشرب إلى السحر، وقد مضى إلى حمام فلان، وهو يخرج ويجلس عند فلان الفقاعي، ودكانه مألف للغلمان المرد والمغنين، فبعث إليه فأحضر، فلما جلس أخرج عليّ بن المعتصم الغلام؛ وقال: هذا دلَّنا عليك؛ وهو يزعم أنك تعشقه، فقال له الغلام:

  نعم أيها الأمير، لو لم يكن من فضيحته⁣(⁣٣) إياي إلَّا أنه إذا لم يوجد أحضرت وسئلت⁣(⁣٤) عنه، فأقبل عليه خالد وقال:

  يا تارك الجسم بلا قلب ... إن كنت أهواك فما ذنبي؟

  يا مفردا بالحسن أفردتني ... منك بطول الشوق والحبّ

  إن تك عيني أبصرت فتنة ... فهل على قلبي من عتب؟

  حسيبك اللَّه لما بي كما ... أنك في فعلك بي حسبي

  لجحظة فيه رمل، فاستحسن عليّ الشعر، وأمر له بخمسين دينارا.

  يعتذر إلى غلام أعرض عنه:

  قال: حدّثني ابن أبي المدوّر أنه شهد خالدا عند عبد الرحيم بن الأزهر الكاتب، وأنه دخل عليهم غلام من أولاد الكتاب، فلما رأى خالدا أعرض عنه، فقلت له: لم أعرضت عن أبي الهيثم؟ فقال: واللَّه لو علمت أنّه ها هنا ما دخلت إليكم، ما يبالي إذا شرب هذين القدحين ما قال ولا من هتك، فقال لي خالد: ألا تعينني على ظالمي؟

  فقلت: بلى واللَّه أعينك، فأقبل على الفتى وقال:

  صوت

  هبني أسأت فكان ذن ... بي مثل ذنب أبي لهب

  فأنا أتوب وكم أسأ ... ت وكم أسأت ولم تتب

  فما زلنا مع ذلك الفتى نداريه ونستعطفه له حتى أقبل عليه وكلَّمه وحادثه، فطابت نفسه، وسرّ بقية يومه.


(١) كذا في «المختار»، ومن معاني العادي: المعتدي. وفي س: «لعادته»، وهو تحريف.

(٢) في س: «فخالفني»، وهو تحريف.

(٣) في س: في نصيحة، وهي بادية التحريف.

(٤) في س: «سألت»، وهو تحريف أيضا.