كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار المسدود

صفحة 411 - الجزء 20

  الطَّنبوريّ، فوجد المسدود من ذلك، فكان يبلغه عنه ما يكره ويتجاوز عنه⁣(⁣١). وكان المسدود قد هجاه ببيتين، فكانا معه في رقعة، وفي رقعة أخرى حاجة له⁣(⁣٢) يريد أن يرفعها إليه، فغلط بين الرقعتين، فناوله رقعة الشّعر وهو يرى أنها رقعة الحاجة، فقرأها وفيها:

  من المسدود في الأنف ... إلى المسدود في العين

  أنا طبل له شقّ ... فيا طبلا بشقّين

  فلما قرأ الرقعة علم أنها فيه، فقال للمسدود: خلطت⁣(⁣٣) في الرقعتين، فهات الأخرى وخذ هذه واحترز⁣(⁣٤) من مثل هذا، واللَّه ما زاده على هذا القول.

  من أجوبته الموجعة:

  أخبرني جحظة، قال: تحدث المسدود في مجلس المنتصر بحديث، فقال له المنتصر: متى كان ذلك؟ قال:

  ليلة لا ناه ولا زاجر، يعرّض له بليلة قتل فيها المتوكل⁣(⁣٥)، فأغضى⁣(⁣٦) المنتصر واحتمله.

  قال: وقالت الذكورية يوما بين يدي المعتمد: غنّ يا مسدود، قال: نعم يا مفتوحة! وقالت له امرأة: كيف آخذ إلى شجرة بابك؟ قال: قدّامك، أطعمك⁣(⁣٧) اللَّه من ثمرها.

  قال: وغنى بين يدي المتوكل، فسكَّته وقال لبكران الشيري⁣(⁣٨): تغنّ أنت، فقال المسدود: أنا⁣(⁣٩) أحتاج إلى مستمع، فلم يفهم المتوكل ما قال.

  / وقدّم إليه طبّاخ المتوكل طبقا وعليه رغيفان، ثم قال له: أيّ شيء تشتهي حتى أجيئك به؟ قال: خبزا، فبلغ ذلك المتوكل، فأمر بالطباخ فضرب مائتي مقرعة.

  قال جحظة: وحدّثني بعض الجلساء أنه لما وضع الطباخ الرغيفين بين يديه قال له المسدود: هذا حرز فأين⁣(⁣١٠) النير؟ قال ودعاه بعض الرؤساء⁣(⁣١١) فأهدى له برذونا أشهب⁣(⁣١٢)، فارتبطه ليلته، فلما كان من غد نفق، وبعث إليه يدعوه بعد ذلك، فكتب: أنا لا أمضي إلى من يعرف آجال الدواب، فيهب ما قرب أجله منها.

  قال: واستوهب من بعض الرؤساء وبرا، فأعطاه سمّورا قد قرع بعضه، فردّه وقال: ليس هذا سمورا، هذا أشكر⁣(⁣١٣).


(١) كذا في «المختار». وسقطت (عنه) في س. وفي ف: «فيتجاوز».

(٢) في «المختار» و «التجريد» وف: «لامرأة تريد أن ترفعها».

(٣) في «المختار» و «التجريد»: «غلطت».

(٤) في «المختار» و «التجريد» وف وهد: «واحترس».

(٥) في «التجريد»: «المتوكل وأن ذلك كان بأمره».

(٦) هد: «فأحفظ».

(٧) في ف: «أطعمك من ثمرها».

(٨) في ف: «الشيزي». وفي هد: «لشكران الشاري».

(٩) كذا في ف. وفي ب: «لغناء أحتاج»، وهو تحريف.

(١٠) الحرز: العوذة. والنير: هدب الثوب، والخيوط إذا اجتمعت، وفي ف: «هذا جور، فأين التين»، ولا معنى له.

(١١) كذا في ف. وفي ب، س: «ودعاه بجار حداه أو غيره»، وهو تحريف.

(١٢) الأشهب: الأبيض يتخلل بياضه سواد.

(١٣) أشكر: لعله وصف من شكر النخل: إذا نبت الشكير حول أصوله، وهو فراخه، والشكير أيضا: الصغير الشعر.