كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار لأم جعفر

صفحة 419 - الجزء 20

  تطلب أن ينظم أبو العتاهية أبياتا تعطف عليها المأمون:

  حدّثني محمد بن موسى، قال، حدثنا جعفر بن الفضل الكاتب، قال: أحسّت زبيدة من المأمون بجفاء، فوجهت إلى أبي العتاهية تعلمه بذلك، وتأمره أن يعمل فيه أبياتا تعطفه عليها، فقال:

  صوت

  ألا إنّ ريب الدهر يدني ويبعد ... ويؤنس بالآلاف طورا ويفقد

  أصابت لريب الدهر مني يدي يدي ... فسلَّمت للأقدار واللَّه أحمد

  وقلت لريب الدهر إن ذهبت يد ... فقد بقيت والحمد للَّه لي يد

  إذا بقي المأمون فالرشيد لي ... ولي جعفر لم يفقدا ومحمد

  الغناء لعلَّويه.

  قال: فحسن موقع الأبيات منه، وعاد لها المأمون إلى أكثر مما كان لها عليه.

  وجدت في كتاب محمد بن الحسن الكاتب.

  حدّثني هارون بن مخارق، قال: حدّثني أبي، قال: ظهرت لأم جعفر جفوة من المأمون، فبعثت إليّ بأبيات وأمرتني أن أغني فيها المأمون إذا رأيته نشيطا وأسنت لي الجائزة، وكان كاتبها قال الأبيات، ففعلت، فسألني المأمون عن الخبر فعرّفته، فبكى ورقّ لها، وقام من وقته فدخل إليها فأكبّ عليها، وقبلت يديه، وقال لها: / يا أمّه، ما جفوتك تعمّدا، ولكن شغلت عنك بما لا يمكن إغفاله، فقالت: يا أمير المؤمنين، إذا حسن رأيك لم يوحشني شغلك، وأتمّ يومه عندها، والأبيات:

  ألا إن ريب الدهر يدني ويبعد ... ويؤنس بالآلاف طورا ويفقد

  وذكر باقي الأبيات مثل ما في الخبر الأول:

  ينظم أبو العتاهية شعرا على لسانها للمأمون:

  أخبرني محمد بن يحيى، قال: حدّثني الحسن بن علي الرازي، قال:

  حدّثني أبو سهل الرازقي عن أبيه، قال: عمل أبو العتاهية شعرا على لسان زبيدة بأمرها لمّا قدم المأمون بغداد، أوله:

  لخير إمام قام من خير عنصر ... وأفضل راق فوق أعواد منبر

  فذكر محمد بن أحمد بن المرزبان عن بعض كتاب السلطان: أن المأمون لمّا قدم مدينة السّلام واستقرّت به الدار، وانتظمت له الأمور، أمرت أم جعفر كاتبا لها فقال هذه الأبيات، وبعثت بها إلى علَّويه، وسألته أن يصنع فيها لحنا، ويغني فيه المأمون ففعل، وكان ذلك مما عطفه عليها، وأمرت لعلويه بعشرين ألف درهم. وقد روي أن الأبيات الَّتي أولها:

  يا عمود الإسلام خير عمود