أخبار عمرو بن أبي الكنات
  / فلم نلبث أن رأينا منصورا من بعد قد أقبل يركض دابته نحونا، فلما جلس إلينا قلنا له: من أين علمت بنا؟
  قال: سمعت صوت عمرو يغني كذا وكذا وأنا في سوق البقر، فخرجت أركض دابتي حتى صرت إليكم، قال:
  وبيننا وبين ذلك الموضع ثلاثة أميال.
  قال هارون، وأخبرني محمد بن عبد اللَّه، قال: أخبرني يحيى بن يعلى بن سعيد قال:
  بينا أنا ليلة في منزلي في الرمضة أسفل مكة إذ سمعت صوت عمرو بن أبي الكنّات كأنه معي، فأمرت الغلام فأسرج لي دابتي، وخرجت أريده، فلم أزل أتبع الصوت حتى وجدته جالسا على الكثيب العارض ببطن عرنة(١) يغني:
  صوت
  خذي العفو مني تستديمي مودّتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
  ولا تنقريني نقرة الدّفّ مرة ... فإنك لا تدرين كيف المغيّب
  فإني وجدت الحب في الصدر والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب
  عروضه من الطويل، ولحنه من الثقيل الثاني بالوسطى من رواية إسحاق. والشعر لأسماء بن خارجة الفزاريّ، وقد قيل: إنه لأبي الأسود الدّؤلي، وليس ذلك بصحيح. والغناء لإبراهيم الموصلي، وفيه لحن قديم للغريض من رواية حماد عن أبيه.
(١) بطن عرنة: واد بحذاء عرفات.