أخبار المنخل ونسبه
  الكاعب الخنساء(١) تر ... فل في الدّمقس وفي الحرير
  دافعتها فتدافعت ... مشى القطاة إلى الغدير
  ولثمتها فتنفّست ... كتنفّس الظبي البهير(٢)
  ورنت وقالت يا منخّ ... ل هل بجسمك من فتور؟(٣)
  / ما مس جسمي غير حبّ ... ك فاهدئي عنّي وسيري
  يا هند هل من نائل ... يا هند للعاني الأسير؟
  وأحبّها وتحبّني ... ويحبّ ناقتها بعيري
  ولقد شربت من المدا ... مة بالكبير وبالصغير
  فإذا سكرت(٤) فإنني ... ربّ الخورنق(٥) والسرير
  وإذا صحوت فإنني ... ربّ الشّويهة والبعير
  يا ربّ يوم - للمنخّ ... ل قد لها فيه - قصير
  رواية أخرى لخبر المنخل مع المتجردة
  : وأخبرني بخبر المنخّل مع المتجرّدة أيضا عليّ بن سليمان الأخفش قال: أخبرني أبو سعيد السكريّ عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال:
  كانت المتجردة امرأة النعمان فاجرة، وكانت تتّهم بالمنخّل، وقد ولدت للنعمان غلامين جميلين يشبهان المنخّل، فكان يقال: إنهما منه، وكان جميلا وسيما، وكان النعمان أحمر أبرش قصيرا دميما. وكان للنعمان يوم يركب فيه فيطيل المكث، وكان المنخّل من ندمائه لا يفارقه، وكان يأتي المتجرّدة في ذلك اليوم الذي يركب فيه النعمان فيطيل عندها، حتى إذا جاء النعمان آذنتها بمجيئة وليدة لها موكَّلة بذلك فتخرجه.
  فركب النعمان ذات يوم وأتاها المنخّل كما كان يأتيها فلا عبته، / وأخذت قيدا، فجعلت إحدى حلقتيه في رجله والأخرى في رجلها، وغفلت الوليدة عن ترقّب النعمان؛ لأن الوقت الذي يجيء فيه لم يكن قرب بعد، وأقبل النعمان حينئذ ولم يطل في(٦) مكثه كما كان يفعل، فدخل إلى المتجرّدة، فوجدها مع المنخّل قد قيّدت رجلها، ورجله بالقيد، فأخذه النعمان فدفعه إلى عكبّ صاحب سجنه ليعذّبه - وعكبّ / رجل من لخم - فعذّبه حتى قتله.
  وقال المنخّل قبل أن يموت هذه الأبيات، وبعث بها إلى ابنيه:
  ألا من مبلغ الحرّين عنّي ... بأن القوم قد قتلوا أبيا
(١) الخنس بالتحريك: تأخر الأنف عن الوجه مع ارتفاع قليل في الأرنبة، وفي ج: «الحسناء».
(٢) البهير: المتتابع الأنفاس.
(٣) رواية «الحماسة»:
فدنت وقالت يا منخ ... ل ما بجسمك من حرور
(٤) في ج: «شربت».
(٥) الخورنق: قصر للنعمان الأكبر. وفي «الحماسة»: «السدير»، وهو نهر بناحية الحيرة.
(٦) في ج. ف: «ولم يطل في وجهه».