كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أمية بن الأسكر ونسبه

صفحة 15 - الجزء 21

  وسألته عن حديث فحدثني على ألا أحدّث به واحدا⁣(⁣١)، فبينا أنا يوما بالمسجد في الكوفة إذا عليّ ~ متنكَّب قرنا⁣(⁣٢) له. فجعل يقول: الصلاة جامعة. وجلس على المنبر، فاجتمع الناس، وجاء الأشعث بن قيس فجلس إلى جانب المنبر. فلما اجتمع الناس، ورضي منهم قام فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال:

  / أيها الناس، إنكم تزعمون أن عندي من رسول اللَّه ما ليس عند الناس، ألا وإنه ليس⁣(⁣٣) عندي إلا ما في قرني هذا، ثم نكت⁣(⁣٤) كنانته، فأخرج منها صحيفة فيها: المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم.

  من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين. فقال له الأشعث بن قيس: هذه واللَّه عليك لا لك، دعها تترحّل، فخفض عليّ ~ إليه بصره، وقال: ما يدريك ما عليّ مما لي! عليك لعنة اللَّه ولعنة اللاعنين، حائك ابن حائك، منافق ابن منافق، كافر ابن كافر. واللَّه لقد أسرك الإسلام مرة والكفر مرة، فما فداك من واحد منهما حسبك ولا مالك، ثم رفع إليّ بصره فقال: يا عبيد اللَّه:

  أصبحت قنّا لراعي الضأن يلعب بي ... ما ذا يريبك منّي راعي الضان

  فقلت: بأبي أنت وأمي، قد كنت واللَّه أحبّ أن أسمع هذا منك. قال: هو واللَّه ذلك، قال:

  فما قيل من بعدها من مقالة ... ولا علقت مني جديدا ولا درسا

  يعود كلاب إلى البصرة بعد موت أبيه ويولي الأبلة ثم يستعفى منها

  : أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدثنا الحارث، عن المدائنيّ قال:

  لما مات أمية بن الأسكر عاد ابنه كلاب إلى البصرة، فكان يغزو مع المسلمين، منها مغازيهم، وشهد فتوحات كثيرة، وبقي إلى أيام زياد، فوّلاه الأبلَّة، فسمع كلاب يوما عثمان بن أبي العاص يحدّث أن داود نبيّ اللَّه # كان يجمع أهله في السّحر فيقول: ادعوا ربكم فإن في السّحر ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن إلا غفر له، إلا أن يكون عشّارا⁣(⁣٥) أو عريفا⁣(⁣٦).

  / فلما سمع ذلك كلاب كتب إلى زياد، فاستعفاه من عمله فأعفاه.

  قال المدائنيّ: ولم يزل كلاب بالبصرة⁣(⁣٧) حتى مات، والمربعة المعروفة بمربعة كلاب بالبصرة⁣(⁣٧) منسوبة / إليه.

  شعر أمية وقد ظفر بنو ليث بقومه

  : وقال أبو عمرو الشيبانيّ: كان بين بني غفار قومه و⁣(⁣٧) وبني ليث حرب، فظفرت بنو ليث بغفار، فحالف رحضة بن خزيمة بن خلاف بن حارثة بن غفار وقومه⁣(⁣٧) جميعا بني أسلم بن أفصى بن خزاعة، فقال أمية بن الأسكر


(١) في ب، س: «حديثا»، تحريف.

(٢) قرنا: جعبة.

(٣) في ف: «وإنه واللَّه».

(٤) في ب، س: «نكب»، تحريف.

(٥) العشار: جابى عشر الأموال.

(٦) العريف: الرئيس، أو النقيب، وهو دون الرئيس.

(٧ - ٧) تكملة من ف.