كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أمية بن الأسكر ونسبه

صفحة 16 - الجزء 21

  في ذلك، وكان سيد بني جندع بن ليث وفارسهم:

  لقد طبت نفسا عن مواليك يا رحضا ... آثرت أذناب الشوائل والحمضا⁣(⁣١)

  تعلَّلنا بالنّصر في كل شتوة ... وكلّ ربيع أنت رافضنا رفضا

  فلو لا تأسّينا وحدّ رماحنا ... لقد جرّ قوم لحمنا تربا قضّا

  - القضّ والقضيض: الحصا الصغار -

  عبد اللَّه بن الزبير يتمثل بشعره

  : أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدثني أحمد بن زهير قال: حدثنا مصعب بن عبد اللَّه عن أبيه قال:

  افتعل عمرو بن الزبير كتابا عن معاوية إلى مروان بن الحكم بأن يدفع إليه مالا، فدفعه إليه، فلما عرف معاوية خبره كتب إلى مروان بأن يحبس عمرا حتى يؤدّي المال، فحبسه مروان، وبلغ الخبر عبد اللَّه بن الزبير، فجاء إلى مروان وسأله عن الخبر، فحدّثه به، فقال: ما لكم في ذمتي، فأطلق عمرا، وأدّى عبد اللَّه المال عنه، وقال: واللَّه إني لأؤديه عنه وإني لأعلم أنه غير شاكر، ثم تمثّل قول أمية بن الأسكر الليثيّ:

  /

  فلو لا تأسّينا وحدّ رماحنا ... لقد جرّ قوم لحمنا تربا قضّا

  سيدان يخطبان بنتا له ويتفاخران في الظفر بها

  : وقال ابن الكلبيّ: حدثنا بعض بني الحارث بن كعب قال:

  اجتمع يزيد بن عبد المدان وعامر بن الطَّفيل بموسم عكاظ، فقدم أمية بن الأسكر، ومعه بنت له من أجمل أهل زمانها، فخطبها يزيد وعامر، فقالت أمّ كلاب امرأة أمية: من هذان الرجلان؟ قال: هذا ابن الديّان، وهذا عامر بن الطفيل. قالت: أعرف ابن الديّان، ولا أعرف عامرا. قال: هل سمعت بملاعب⁣(⁣٢) الأسنة؟ قالت: نع واللَّه. قال: فهذا ابن أخيه.

  وأقبل يزيد فقال: يا أميّة أنا ابن الديان، صاحب الكثيب، ورئيس مذحج، ومكلَّم العقاب، ومن كان يصوب أصابعه فتنطف دما، ويدلك راحتيه فتخرجان⁣(⁣٣) ذهبا. قال أمية: بخ بخ.

  فقال عامر: جدّي الأحزم، وعمّي أبو الأصبع، وعمّي ملاعب الأسنة، وجدّي الرّحّال، وأبي فارس قرزل.

  قال أمية: بخ بخ، مرعى ولا كالسّعدان⁣(⁣٤)، فأرسلها. مثلا.

  فقال يزيد: يا عامر، هل تعلم شاعرا من قومي رحل بمدحه إلى رجل من قومك؟ قال: لا، قال: فهل تعلم أن شعراء قومك يرحلون بمدحهم إلى قومي؟ قال: نعم. قال: فهل لك نجم يمان أو برد يمان أو سيف يمان أو ركن يمان؟ فقال: لا، قال: فهل ملكناكم ولم تملكونا؟ قال: نعم، فنهض يزيد وقام، ثم قال:


(١) الشوائل: جمع شائلة، وهي التي أتى على حملها سبعة أشهر، والحمض: نبت ترعاه الإبل. وفي ب، س، السوالك والمحضا.

(٢) في ب، س: «ملاعب».

(٣) في ب، س: «فتخرج»، تحريف.

(٤) السعدان: نبت من أفضل مراعي الإبل. مثل يضرب للشيء يفضل على أقرانه: وفي «مجمع الأمثال» للميداني: أنه للخنساء.