كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار البحتري ونسبه

صفحة 38 - الجزء 21

  عن أيّ ثغر تبتسم ... وبأيّ طرف تحتكم

  صاح به أبو العنبس من خلفه:

  في أيّ سلح ترتطم ... وبأيّ كفّ تلتقم

  أدخلت رأسك في الرّحم ... وعلمت أنك تنهزم

  / فغضب البحتريّ، وخرج، فضحك المتوكَّل حتى أكثر، وأمر لأبي العنبس بعشرة آلاف درهم واللَّه أعلم.

  وأخبرني بهذا الخبر محمد بن يحيى الصّوليّ، وحدثني عبد اللَّه بن أحمد بن حمدون عن أبيه: قال: وحدثني يحيى بن علي عن أبيه:

  إن البحتريّ أنشد المتوكَّل - وأبو العنبس الصّيمريّ حاضر - قصيدته:

  عن أيّ ثغر تبتسم ... وبأيّ طرف تحتكم؟

  (⁣١) إلى آخرها، وكان إذا أنشد يختال، ويعجب بما يأتي به، فإذا فرغ من القصيدة ردّ البيت الأول، فلما رده بعد فراغه منها. وقال:

  عن أيّ ثغر تبتسم ... وبأيّ طرف تحتكم⁣(⁣١)

  قال أبو العنبس وقد غمزه المتوكل أن يولع به:

  في أي سلح ترتطم ... وبأي كفّ تلتقم

  أدخلت رأسك في الرّحم ... وعلمت أنّك تنهزم

  فقال نصف البيت الثاني، فلما سمع البحتريّ قوله ولَّى مغضبا، فجعل أبو العنبس يصيح به:

  وعلمت أنك تنهزم

  فضحك المتوكل من ذلك حتى غلب، وأمر لأبي العنبس بالصّلة التي أعدّت للبحتري.

  قال أحمد بن زياد⁣(⁣٢): فحدّثني أبيّ قال:

  / جاءني البحتريّ، فقال لي: يا أبا خالد أنت عشيرتي وابن عمّي وصديقي، وقد رأيت ما جرى عليّ، أفتأذن لي⁣(⁣٣) أن أخرج إلى منبج بغير إذن، فقد ضاع العلم، وهلك الأدب؟ فقلت: لا تفعل من هذا شيئا، فإن الملوك تمزح بأعظم مما جرى، ومضيت معه إلى الفتح، فشكا إليه ذلك، فقال له نحوا من قولي، ووصله، / وخلع عليه، فسكن إلى ذلك.

  الصيمري يسترسل في سخريته به بعد موت المتوكل:

  حدثني جحظة عن عليّ بن يحيى المنجّم: قال:

  لمّا قتل المتوكَّل قال أبو العنبس الصيّمريّ:


(١ - ١) التكملة من هد، هج.

(٢) مم، ف: «أحمد بن يزيد».

(٣) ف: «أفترى لي». ومنبج: بلدة الشاعر شمالي سوريا.