كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار تأبط شرا ونسبه

صفحة 114 - الجزء 21

  فحرد⁣(⁣١) القوم، فذلك حين قتلوا الشيخ وابنه الصغير، ومات تأبط.

  فقالت أمّه - وكانت امرأة من بني القين بن جسر بن قضاعة - ترثيه:

  /

  قتيل ما قتيل بني قريم ... إذا ضنّت جمادى بالقطار⁣(⁣٢)

  فتى فهم جميعا غادروه ... مقيما بالحريضة من نمار⁣(⁣٣)

  وقالت أمّه ترثيه [أيضا]:

  ويل أمّ طرف غادروا برخمان ... بثابت بن جابر بن سفيان⁣(⁣٤)

  يجدّل القرن ويروي النّدمان ... ذو مأقط يحمي وراء الإخوان⁣(⁣٥)

  وقالت ترثيه أيضا:

  وابناه وابن اللَّيل، ليس بزمّيل، شروب للقيل، رقود باللَّيل، وواد⁣(⁣٦) ذي هول، أجزت باللَّيل، تضرب بالذّيل، برجل⁣(⁣٧) كالثّول.

  قال: وكان تأبط شرا يقول قبل ذلك:

  ولقد علمت لتعدونّ ... م عليّ شتم كالحساكل⁣(⁣٨)

  / يأكلن أوصالا ولح ... ما كالشّكاعي غير جاذل⁣(⁣٩)

  يا طير كلن فإنني ... سمّ لكنّ وذو دغاول⁣(⁣١٠)

  وقال قبل موته:

  لعلي ميّت كمدا ولمّا ... أطالع أهل ضيم فالكراب⁣(⁣١١)

  وإن لم آت جمع بني خثيم ... وكاهلها برجل كالضّباب


(١) حرد القوم: اعتزلوا.

(٢) قتيل ما: هذا قتيل عظيم، كريم حين تضنّ جمادى بالمطر، ويبدو أن شهر جمادى في ذلك الوقت كان شهر محل.

(٣) الحريضة: موضع في بلاد هذيل، نمار ككتاب: اسم جبل، وكغراب: اسم واد.

(٤) تقدم هذا البيت برواية أخرى، وويل أم فلان: عبارة يقصد بها التعجب أو الترحم.

(٥) المأقط: مكان الحرب، تريد أنه فارس ميدان، ومفعول يحمي محذوف، أي يحمي الظهور، وهذه رواية هد، وهج، وفي بعض الأصول «الأضوان».

(٦) اختلفت الأصول في رواية هذه الفقرات كل الاختلاف، وقد حاولنا إخضاعها لبعض ضروب الرجز فلم يمكن، فلنعتبرها مجرد كلام مسجوع، الزميل: الجبان، القيل: شراب اللبن في القيلولة، تريد أنه لا يهدأ نهارا أو ليلا.

(٧) الرجل: جمع راجل، والثول: جماعة النّحل: تقول له: كم واد مخوف، جزته ليلا، تضرب بذيلك، كما يضرب الجواد، ومعك أصحابك في عدد النحل.

(٨) تضاربت الأصول كل تضارب في اللفظين الأخيرين من هذا البيت، والذي نختاره «شتم كالحساكل». الشتم: جمع شتيم، وهو الأسد الكريه المنظر، والحساكل: جمع حسكل كزبرج؛ وهو ما تطاير من شرر الحديد المحمى.

(٩) الشكاعي: جمع شكاعة كثمامة: شوكة تملأ فم البعير، غير الجاذل، من الجذل، وهو ما عظم من أصول الشجر، كناية عن عدم السمن.

(١٠) الدغاول: الدواهي، وهذا البيت وما قبله كناية عن أن لحمه مر.

(١١) تقدم هذا البيت وما بعده في الترجمة نفسها.