أخبار هدبة بن خشرم ونسبه
  إلى كل واحد منهم ما انفرد به من الرواية، وجمعت ما اتفقوا عليه، قال عيسى بن إسماعيل في خبره خاصة:
  كان أول ما هاج الحرب بين بني عامر بن عبد اللَّه بن ذبيان وبين بني رقاش، وهم بنو قرّة بن حفش(١) بن عمرو بن عبد اللَّه بن ثعلبة بن ذبيان، وهم رهط زيادة بن زيد، وبنو عامر رهط هدبة، أن حوط بن خشرم أخا هدبة راهن زيادة بن زيد على جملين من إبلهما، وكان مطلقهما(٢) من الغاية على يوم وليلة، وذلك في القيظ، فتزودوا الماء في الروايا والقرب، وكانت أخت حوط سلمى بنت خشرم تحت زيادة بن زيد، فمالت مع أخيها على زوجها، فوهّنت أوعية زيادة، ففنى ماؤه قبل ماء صاحبه، فقال زيادة:
  قد جعلت نفسي في أديم ... محرّم الدّباغ ذي هزوم
  ثمّ رمت بي عرض الدّيموم ... في بارح من وهج السّموم(٣) ... عند اطَّلاع وعرة النجوم(٤)
  - / قال اليزيديّ في خبره: المحرّم: الذي لم يدبغ، والهزوم: الشقوق.
  - قال: - وقال زيادة أيضا:
  قد علمت سلمة بالعميس ... ليلة مرمار ومرمريس(٥)
  أنّ أبا المسور ذو شريس ... يشفي صداع الأبلج الدّلعيس(٦)
  العميس: موضع، والمرمار والمرمريس: الشّدة والاختلاط، وأبا المسور يعني زيادة نفسه، وكانت كنيته أبا المسور.
  هدبة وزيادة كل منهما يشبب بأخت الآخر
  : قال: فكان ذلك أول ما أثبت الضغائن بينهما، ثم إن هدبة بن خشرم وزيادة بن زيد اصطحبا، وهما مقبلان من الشام، في ركب من قومهما، فكانا يتعاقبان السّوق بالإبل، وكان مع هدبة أخته فاطمة، فنزل زيادة فارتجز فقال:
  عوجي علينا واربعي يا فاطما ... ما دون أن يرى البعير قائما
  - أي ما بين مناخ البعير إلى قيامه -.
  ألا ترين الدمع منّي ساجما ... حذار دار منك لن تلائما(٧)
  فعرّجت مطَّردا عراهما ... فعما يبذّ القطف الرّواسما(٨)
(١) في ف «ابن حوم» بدل «ابن حفش».
(٢) مطلقهما: موضع إطلاقهما.
(٣) العرض: الجانب، الديموم: الصحراء المترامية الأطراف، البارح: الريح الحارة صيفا، السموم: الحر الشديد.
(٤) النجوم: جمع نجم، وهو ما لا ساق له من النبات، فلعله يريد عند طلوع الأرض الوعرة ذات النبات الذي لا ساق له.
(٥) في رواية: بالحميس.
(٦) الشريس: الشراسة، وهي سوء الخلق، الدلعيس: الضخمة المترهلة من الإبل، فلعله يريد أنه في زمان الشّدة والاختلاط عندما تظلم الليالي يشفي صداع الأبيض الضخم من النوق بنحره، وذلك كناية عن كرمه.
(٧) يريد: حذار أن تنزلي دارا بعيدة غير ملائمة.
(٨) في «المختار»:
«فأطردت مطردا»