كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار هدبة بن خشرم ونسبه

صفحة 172 - الجزء 21

  أبعد الذي بالنّعف نعف كويكب ... رهينة رمس ذي تراب وجندل⁣(⁣١)

  كريم أصابته ديات كثيرة ... فلم يدر حتى حين من كل مدخل⁣(⁣٢)

  أذكَّر بالبقيا على من أصابني ... وبقياي أني جاهد غير مؤتلي⁣(⁣٣)

  غناه ابن سريج رملا بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق، وقيل: إنه لمالك بن أبي المسح وله فيه لحن آخر.

  رجع الخبر إلى سياقته

  وأما علي بن محمد النوفليّ، فذكر عن أبيه: أنّ سعيد بن العاص كره الحكم بينهما، فحملهما إلى معاوية، فنظر في القصة، ثم ردها إلى سعيد. وأما غيره فذكر أن سعيدا هو الذي حكم بينهما من غير أن يحملهما إلى معاوية.

  قال علي بن محمد عن أبيه:

  فلما صاروا بين يدي معاوية قال عبد الرحمن أخو زيادة له: يا أمير المؤمنين أشكو / إليك مظلمتي⁣(⁣٤) وما دفعت إليه، وجرى عليّ وعلى أهلي وقرباي⁣(⁣٤) وقتل أخي زيادة، وترويع نسوتي، فقال له⁣(⁣٥) معاوية: يا هدبة قل.

  فقال: إن هذا رجل سجّاعة⁣(⁣٦)، فإن شئت أن أقص عليك قصتنا كلاما أو شعرا فعلت، قال: لا بل شعرا، فقال هدبة هذه القصيدة ارتجالا:

  ألا يا لقومي للنّوائب والدّهر ... وللمرء يردي نفسه وهو لا يدري⁣(⁣٧)

  وللأرض كم من صالح قد تأكَّمت ... عليه فوارته بلمّاعة قفر

  فلا تتّقي ذا هيبة لجلاله ... ولا ذا ضياع هنّ يتركن للفقر⁣(⁣٨)

  حتى قال:

  رمينا فرامينا فصادف رمينا ... منايا رجال في كتاب وفي قدر

  وأنت أمير المؤمنين فما لنا ... وراءك من معدّى ولا عنك من قصر

  فإن تك في أموالنا لم نضق بها ... ذراعا، وإن صبر فنصبر للصّبر


(١) النعف: المكان المرتفع فيه صعود وهبوط وكويكب: موضع في دبار سعد بن هذيم.

(٢) أصابته ديات كثيرة، يريد أنه كان يدفع الديات نيابة عن القاتلين كرما منه، أو أنه كان مطالبا بكثير من الديات لكثرة من قتل، وقوله: «حتى حين» لم نجد لها تخريجا، فلعلها «خين» بالخاء المعجمة من الخيانة، أو لعلها «خان» بمعنى هلك والبيت ساقط من س.

(٣) أذكر: متعلق الجار والمجرور بالبيت الثالث، يعني أأذكر بالبقيا على من أصابني بفقد أخي بعد الذي بالنعف، غير مؤتلي: غير مقصر في طلب الوتر، وفي هج، هد:

«على ما أصابني»

بدل

«من أصابني»

(٤ - ٤) تكملة من ف.

(٥) كلمة «له» هنا نرجح أنها زائدة فإن ضميرها يجب أن يعود على هدبة، ولم يتقدم له مرجع في الكلام.

(٦) سجاعة: صيغة مبالغة من سجع في كلامه.

(٧) أرجع إلى هذا البيت وما بعده في أول الترجمة.

(٨) فاعل تتقي ضمير الأيام، وذا مفعول مقدم ليتركن.