كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار هدبة بن خشرم ونسبه

صفحة 171 - الجزء 21

  بآية أنّا لا نرى متتوّجا ... من الناس يعلونا إذا ما تعصّبا⁣(⁣١)

  ولا ملكا إلا اتّقانا بملكه ... ولا سوقة إلا على الخرج أتعبا⁣(⁣٢)

  ملكنا ملوكا واستبحنا حماهم ... وكنّا لهم في الجاهلية موكبا⁣(⁣٣)

  ندامى وأردافا فلم تر سوقة ... توازننا فاسأل إيادا وتغلبا⁣(⁣٤)

  / فأجابه هدبة، وهذا مختار ما فيها فقال:

  تذكر شجوا من أميمة منصبا ... تليدا ومنتابا من الشوق مجلبا⁣(⁣٥)

  تذكَّر حبّا كان في ميعة الصّبا ... ووجدا بها بعد المشيب معتّبا⁣(⁣٦)

  إذا كاد ينساها الفؤاد ذكرتها ... فيا لك ما عنّى الفؤاد وعذّبا⁣(⁣٧)

  غدا في هواها مستكينا كأنه ... خليع قداح لم يجد متنشّبا⁣(⁣٨)

  وقد طال ما علَّقت ليلى مغمّرا ... وليدا إلى أن صار رأسك أشيبا

  - المغمّر: للغمر أي غير حدث -.

  رأيتك في ليلى كذى الدّاء لم يجد ... طبيبا يداوي ما به فتطبّبا

  فلما اشتفى مما به كرّطبّه ... على نفسه من طول ما كان جرّبا⁣(⁣٩)

  يقتل زيادة فيسجن

  : فلم يزل هدبة يطلب غرّة زيادة حتى أصابها فبيّته فقتله، وتنحى مخافة السلطان، وعلى المدينة يومئذ سعيد بن العاص، فأرسل إلى عم هدبة وأهله فحبسهم بالمدينة، فلما بلغ هدبة ذلك أقبل حتى أمكن من نفسه وتخلَّص عمّه وأهله، فلم يزل محبوسا حتى شخص عبد الرحمن بن زيد أخو زيادة إلى معاوية، فأورد كتابه إلى سعيد بأن يقيد منه إذا قامت البينة، فأقامها، فمشت عذرة إلى عبد الرحمن، فسألوه قبول الدية فامتنع، وقال:

  صوت

  أنختم علينا كلكل الحرب مرّة ... فنحن منيخوها عليكم بكلكل

  فلا يدعني قومي لزيد بن مالك ... لئن لم أعجّل ضربة أو أعجّل⁣(⁣١٠)


(١) الآية: الدليل، تعصب: لبس العصابة: عصابة الملك.

(٢) السوقة: من عدا الملك، الخرج: الضريبة ونحوها، يعني أن الناس كانوا يتعبون في تأدية الخراج، وهو معفون.

(٣) موكبا: يريد كنا جنودهم عند الحرب.

(٤) أرداف: جمع ردف، وهو خليفة الملك في الجاهلية، يجلس عن يمينه، ويشرب بعده، وينوب عنه في الحكم إذا غزا.

(٥) منصب: متعب، مجلب: من أجلب الجرح: علته القشرة.

(٦) معتب: مستوجب للعتاب واللوم.

(٧) مفعول عني وعذب محذوف، أي ما عناني الفؤاد وعذبني.

(٨) الخليع: من غلب في القمار، المتنشب: من النشب، وهو النبل.

(٩) يريد أنه كما شفي من داء الحب عاوده الحنين إلى الداء والدواء من جديد.

(١٠) لا يدعني قومي ... إلخ: لا ينسبني قومي إلى أبي إن لم أعجل بثأر أخي أو يعاجلني الموت.