أخبار هدبة بن خشرم ونسبه
  سأكذب أقواما يقولون: إنّني ... سآخذ مالا من دم أنا ثائره(١)
  فباست امرئ واست التي زحرت به ... يسوق سواما من أخ هو واتره(٢)
  ونهض، فرجعوا إلى هدبة فأخبروه الخبر فقال: الآن أيست منه، وذهب عبد الرحمن بالمسور، وقد بلغ إلى والي المدينة، وهو سعيد بن العاص، وقيل مروان بن الحكم، فأخرج هدبة.
  لقاؤه الأخير بزوجته
  : قالوا: فلما كان في الليلة التي قتل في صاحبها أرسل إلى امرأته، وكان يحبها: إيتيني الليل أستمتع بك وأودّعك، فأتته في الَّلباس والطيّب، فصارت إلى رجل(٣)، قد طال حبسه، وأنتنت في الحديد رائحته، فحادثها، وبكى، وبكت، ثم راودها عن نفسها، وطاوعته، فلما علاها سمعت قعقعة الحديد فاضطربت تحته، فتنحّى عنها وأنشأ يقول:
  /
  وأدنيتني حتى إذا ما جعلتني ... لدى الخصر أو أدنى استقلَّك راجف(٤)
  فإن شئت واللَّه انتهيت وإنّني ... لئلا تريني آخر الدهر خائف
  رأت ساعدي غول وتحت ثيابه ... جآجئ يدمى حدّها والحراقف(٥)
  ثم قال الشعر حتى أتى عليه وهو طويل جدا وفيه يقول:
  صوت
  فلم ترعيني مثل سرب رأيته ... خرجن علينا من زقاق ابن واقف(٦)
  تضمّخن في الجاديّ حتى كأنّما الأ ... نوف إذا استعرضتهنّ رواعف(٧)
  خرجن بأعناق الظباء وأعين ال ... جآذر وارتجّت لهن السّوالف(٨)
  فلو أنّ شيئا صاد شيئا بطرفه ... لصدن ظباء فوقهنّ المطارف(٩)
  غنى فيه الغريض رملا بالبنصر من رواية حبش، وفيه لحن خفيف ثقيل، وذكر إسحاق أن فيه لحنا ليونس، ولم يذكر طريقته في مجرده.
(١) أنا ثائرة: أنا طالب ثأره.
(٢) يريد بقول:
«واست الذي زحرت به»
: ولدته.
(٣) الرجل المقصود هنا هو هدبة نفسه.
(٤) استقلك راجف: أصابك ما أفزعك.
(٥) جآجئ: جمع جؤجؤ، وهو عظم الصدر، الحراقف: جمع حرقفة، وهي أعلى الورك.
(٦) في البيت إقواء، وفي بعض النسخ:
«خرجن علينا حين إذ أنا واقف»
وعليه فلا إقواء، ويرجح الرواية الأولى حديث السمكات الذي سيأتي بعد، ويرجح الرواية الثانية قول المؤلف فيما يلي: ليس هناك زقاق يحمل هذا الاسم.
(٧) الجادي: الزعفران.
(٨) السوالف: جمع سالفة، وهي جانب العتق.
(٩) ظباء: فاعل صدن - على لغة أكلوني البراغث - المطارف: جمع مطرف، وهو رداء من خز مربع ذو أعلام، والمعنى: لو أن اللحظ يصيد لصادت هذه الظباء التي تلبس المطارف - يقصد الغواني - بألحاظها الرجال، وفي رواية:
«لصدن بألحاظ ذوات المطارف»
وعليه ففي البيت إقواء، والمعنى لا يتغير.