كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار هدبة بن خشرم ونسبه

صفحة 174 - الجزء 21

  سأكذب أقواما يقولون: إنّني ... سآخذ مالا من دم أنا ثائره⁣(⁣١)

  فباست امرئ واست التي زحرت به ... يسوق سواما من أخ هو واتره⁣(⁣٢)

  ونهض، فرجعوا إلى هدبة فأخبروه الخبر فقال: الآن أيست منه، وذهب عبد الرحمن بالمسور، وقد بلغ إلى والي المدينة، وهو سعيد بن العاص، وقيل مروان بن الحكم، فأخرج هدبة.

  لقاؤه الأخير بزوجته

  : قالوا: فلما كان في الليلة التي قتل في صاحبها أرسل إلى امرأته، وكان يحبها: إيتيني الليل أستمتع بك وأودّعك، فأتته في الَّلباس والطيّب، فصارت إلى رجل⁣(⁣٣)، قد طال حبسه، وأنتنت في الحديد رائحته، فحادثها، وبكى، وبكت، ثم راودها عن نفسها، وطاوعته، فلما علاها سمعت قعقعة الحديد فاضطربت تحته، فتنحّى عنها وأنشأ يقول:

  /

  وأدنيتني حتى إذا ما جعلتني ... لدى الخصر أو أدنى استقلَّك راجف⁣(⁣٤)

  فإن شئت واللَّه انتهيت وإنّني ... لئلا تريني آخر الدهر خائف

  رأت ساعدي غول وتحت ثيابه ... جآجئ يدمى حدّها والحراقف⁣(⁣٥)

  ثم قال الشعر حتى أتى عليه وهو طويل جدا وفيه يقول:

  صوت

  فلم ترعيني مثل سرب رأيته ... خرجن علينا من زقاق ابن واقف⁣(⁣٦)

  تضمّخن في الجاديّ حتى كأنّما الأ ... نوف إذا استعرضتهنّ رواعف⁣(⁣٧)

  خرجن بأعناق الظباء وأعين ال ... جآذر وارتجّت لهن السّوالف⁣(⁣٨)

  فلو أنّ شيئا صاد شيئا بطرفه ... لصدن ظباء فوقهنّ المطارف⁣(⁣٩)

  غنى فيه الغريض رملا بالبنصر من رواية حبش، وفيه لحن خفيف ثقيل، وذكر إسحاق أن فيه لحنا ليونس، ولم يذكر طريقته في مجرده.


(١) أنا ثائرة: أنا طالب ثأره.

(٢) يريد بقول:

«واست الذي زحرت به»

: ولدته.

(٣) الرجل المقصود هنا هو هدبة نفسه.

(٤) استقلك راجف: أصابك ما أفزعك.

(٥) جآجئ: جمع جؤجؤ، وهو عظم الصدر، الحراقف: جمع حرقفة، وهي أعلى الورك.

(٦) في البيت إقواء، وفي بعض النسخ:

«خرجن علينا حين إذ أنا واقف»

وعليه فلا إقواء، ويرجح الرواية الأولى حديث السمكات الذي سيأتي بعد، ويرجح الرواية الثانية قول المؤلف فيما يلي: ليس هناك زقاق يحمل هذا الاسم.

(٧) الجادي: الزعفران.

(٨) السوالف: جمع سالفة، وهي جانب العتق.

(٩) ظباء: فاعل صدن - على لغة أكلوني البراغث - المطارف: جمع مطرف، وهو رداء من خز مربع ذو أعلام، والمعنى: لو أن اللحظ يصيد لصادت هذه الظباء التي تلبس المطارف - يقصد الغواني - بألحاظها الرجال، وفي رواية:

«لصدن بألحاظ ذوات المطارف»

وعليه ففي البيت إقواء، والمعنى لا يتغير.