نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته
  قال أبو خليفة: قال ابن سلام: وسمعت الحارث بن محمد بن زياد يقول:
  كتب يزيد بن المهلب لما فتح جرجان إلى أخيه مدركة أو مروان: أحمل إليّ الفرزدق، فإذا شخص فأعط أهله كذا وكذا؛ ذكر عشرة آلاف درهم، فقال له الفرزدق: ادفعها إليّ، قال: اشخص وأدفعها إلى أهلك، فأبى، وخرج وهو يقول:
  دعاني إلى جرجان والرّيّ دونه ... لآتيه إنّي إذا لزؤر(١)
  لآتي من آل المهّلب ثائرا ... بأعراضهم والدّائرات تدور(٢)
  سآبى وتأبى لي تميم وربما ... أبيت فلم يقدر عليّ أمير
  لم يستطع أهله منعه
  : قال أبو خليفة: قال ابن سلَّام:
  وسمعت سلمة بن عيّاش قال: حبست في السجن، فإذا فيه الفرزدق قد حبسه مالك بن المنذر بن الجارود، فكان يريد أن يقول البيت فيقول صدره وأسبقه إلى القافية، ويجيء إلى القافية فأسبقه إلى الصدر، فقال لي: ممّن أنت؟
  قلت: من قريش قال: كلّ أير حمار من قريش، من أيّهم أنت؟ قلت: من بني عامر بن لؤي، قال: لئام واللَّه أذلة، جاورتهم فكانوا شرّ جيران، قلت: ألا أخبرك بأذلّ منهم وألأم؟ قال: من؟ قلت: بنو مجاشع، قال: ولم ويلك! قلت: أنت سيدهم وشاعرهم وابن سيدهم، جاءك شرطي مالك، حتى أدخلك السجن، لم يمنعوك. قال: قاتلك اللَّه.
  قال أبو خليفة: قال ابن سلَّام:
  يهجو عمر بن هبيرة
  : وكان مسلمة بن / عبد الملك على العراق بعد قتل يزيد بن المهلب فلبث بها غير كثير، ثم عزله يزيد بن عبد الملك، واستعمل عمر بن هبيرة على العراق فأساء عزل مسلمة، فقال الفرزدق وأنشدنيه يونس:
  /
  ولت بمسلمة الركاب مودّعا ... فارعي فزارة لا هناك المرتع(٣)
  فسد الزمان وبدّلت أعلامه ... حتى أميّة عن فزارة تنزع(٤)
  ولقد علمت إذا فزارة أمّرت ... أن سوف تطمع في الإمارة أشجع(٥)
  وبحقّ ربك ما لهم ولمثلهم ... في مثل ما نالت فزارة مطمع(٦)
  عزل ابن بشر وابن عمرو قبله ... وأخو هراة لمثلها يتوقّع
  ابن بشر: عبد الملك بن بشر بن مروان، كان على البصرة، أمّره عليها مسلمة. وابن عمرو: سعيد بن
(١) فاعل دعاني ضمير يزيد بن المهلب، الري: بلد معروف، ويكنى بذلك عن بعد الشقة، زؤر: مبالغة من الزيارة.
(٢) في بعض النسخ «زائرا»، والمعنى دعوني لأمدحهم وأثأر لأعراضهم، وقد يعرضني ذلك للخطر مستقبلا.
(٣) يشير إلى أن عمر بن هبيرة، من بني فزراة.
(٤) تنزع: تكف أذاها عنها وتجاملها.
(٥) أشجع: قبيلة خاملة لا شأن لها يقول: ما دامت فزارة وليت الإمارة فسوف تليها أحقر القبائل.
(٦) يعني أنه ما كان لأشجع ومثلها مطمع في الإمارة فأصبحوا الآن يطمعون فيها، وفي بعض النسخ
«ولخلق مثلك»