كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 202 - الجزء 21

  وقوله:

  ولقد دنت لك بالتخلَّف إذ دنت ... منها بلا بخل ولا مبذول⁣(⁣١)

  وكأنّ لون رضاب فيها إذ بدا ... برد بفرع بشامة مصقول⁣(⁣٢)

  وقوله فيها لمالك بن المنذر:

  إنّ ابن ضبّاري ربيعة مالكا ... للَّه سيف صنيعة مسلول⁣(⁣٣)

  ما نال من آل المعلَّى قبله ... سيف لكل خليفة ورسول⁣(⁣٤)

  / ما من يدي رجل أحقّ بما أتى ... من مكرمات عطاية الأخطار⁣(⁣٥)

  من راحتين يزيد يقدح زنده ... كفّاهما ويشدّ عقد جوار⁣(⁣٦)

  وقوله:

  إذا جئته أعطاك عفوا ولم يكن ... على ماله حال الندى منك سائله⁣(⁣٧)

  لدى ملك لا تنصف النعل ساقه ... أجل لا، وإن كانت طوالا حمائله⁣(⁣٨)

  وقوله:

  والشيب ينهض في الشباب كأنه ... ليل يسير بجانبيه نهار

  لا يكذب في مدحه

  : قال أبو خليفة: أخبرنا محمد بن سلام قال: حدثني شعيب بن صخر، عن محمد بن زياد، وأخبرني به الجوهري وجحظة عن ابن شبّة، عن محمد بن سلام، وكان محمد في زمام الحجاج زمانا قال:

  انتهيت إلى الفرزدق بعد موت الحجاج بالَّردم⁣(⁣٩) وهو قائم والناس حوله⁣(⁣٩) ينشد مديح سليمان بن عبد الملك:

  وكم أطلقت كفاك من غلّ بائس ... ومن عقدة ما كان يرجى انحلالها

  كثيرا من الأيدي التي قد تكتّفت ... فككت وأعناقا عليها غلالها⁣(⁣١٠)

  قال: قلت: أنا واللَّه أحدهم، فأخذ بيدي وقال: أيها الناس سلوه عما أقول واللَّه ما كذبت قط.

  يأبى حين يريد

  : أخبرني جحظة قال: حدثني ابن شبة، عن محمد بن سلَّام فذكر مثله وقال فيه: واللَّه ما كذبت قط ولا أكذب أبدا.


(١ - ٢) دنت، أي حبيبتة، البشام: نوع من الشجر، والبيتان شاهد أيضا على الإقواء.

(٣ - ٤) في هج «جباري» وفي أخرى «حباري»، وفي هد، هج، «ما زال» بدل «ما نال» «مالكا» بدل من ابن، رسول في البيت الثاني عطف على سيف، فإن عطف على خليفة كان في البيت إقواء.

(٥ - ٦) يمدح رجلا فيقول: لا يدين أحق بالمكرمات من يده اللتين يستعين بهما يزيد ويشد بهما عقد جواره.

(٧) ف: «الردى» تحريف لكلمة «الندى» والمعنى إذا جئته أعطاك عفوا، ولم يكن منك سائل له عند العطاء.

(٨) لا تنصف النعل ساقه: لا تبلغ نصفها، كناية عن قصر النعل، وإن كانت طوالا حمائله: كناية عن طول القامة، يريد أنه قصير النعل، لكيلا تعوقه عن الحركة، وإن كان طويل القامة، وقوله «أجل» تأكيد لمضمون الجملة، وقوله: «لا» تأكيد «للا» في المصراع الأول، وهذان البيتان وما قبلهما تكملة من هج، هد.

(٩ - ٩) التكملة من هد.

(١٠) كثيرا مفعول مقدم لفككت، والغلال: جمع غل، وهو الطوق وجاء في «اللسان»: جمع الغل أغلال لا يكسر على غير ذلك.