نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته
  يقلَّب رأسا لم يكن رأس سيّد ... وعينا له حولاء باد عيوبها(١)
  فبلغ شعره هشاما، فوجّه، فأطلقه.
  بينه وبين مالك بن المنذر
  : أخبرنا عبد اللَّه بن مالك، عن محمد بن موسى، عن الهيثم بن عديّ، قال: أخبرنا أبو روح الراسبيّ، قال:
  لما ولي خالد بن عبد اللَّه العراق ولَّى مالك بن المنذر شرطة البصرة، فقال الفرزدق:
  يبغّض فينا شرطة المصر أنني ... رأيت عليها مالكا عقب الكلب
  قال، فقال مالك: عليّ به، فمضوا به إليه، فقال:
  أقول لنفسي إذ تغصّ بريقها ... ألا ليت شعري ما لها عند مالك؟
  قال: فسمع قوله حائك يطلع من(٢) طرازه، فقال:
  لها عنده أن يرجع اللَّه ريقها ... إليها وتنجو من عظيم المهالك(٣)
  فقال الفرزدق هذا أشعر الناس، وليعودنّ مجنونا، يصيح الصبيان في أثره(٤) فقال: فرأوه بعد ذلك مجنونا يصيح الصبيان في أثره(٤).
  / أخبرنا / عبد اللَّه بن مالك قال: حدثنا محمد بن علي بن سعيد، قال حدثنا القحذميّ: قال:
  فلما أتوا مالك بن المنذر بالفرزدق قال: هيه عقب الكلب، قال: ليس هذا هكذا قلت، وإنما قلت:
  ألم ترني ناديت بالصوت مالكا ... ليسمع لما غصّ من ريقه الفم
  أعوذ بقبر فيه أكفان منذر ... فهن لأيدي المستجيرين محرم(٥)
  قال: قد عذت بمعاذ(٦)، وخلَّى سبيله.
  أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني محمد بن موسى، قال:
  كتب خالد القسريّ إلى مالك بن المنذر يأمره بطلب الفرزدق، ويذكر أنه بلغه أنه هجاه، وهجا نهره المبارك(٧)، وهو النهر الذي بواسط الذي كان خالد حفره،(٨) فاشتد مالك في طلبه حتى ظفر به في البراجم(٨) فأخذه وحبسه ومرّوا به على بني مجاشع، فقال: يا قوم، اشهدوا أنه لا خاتم بيدي، وذلك أنه(٩) أخذ عمر بن
(١) فاعل يقلب، ضمير هشام، وكانت عينه حولاء وكان القياس «باديا عيوبها»، ولا يصح أن يكون «باد» خبرا مقدما عن «عيوب» لأنه مفرد.
(٢) هد: «يطلع من طراز له»: دكان الحائك.
(٣) سكن واو «تنجو» للضرورة.
(٤ - ٤) تكملة من هد، هج.
(٥) منذر: أبو مالك، وضمير هن يعود على الأكفان.
(٦) بمعاذ: بذي حرمة، يعوذ من استعاذ به.
(٧) تقدم هذا الخبر برواية أخرى.
(٨ - ٨) تكملة من هد، هج.
(٩) فاعل أخذ: ضمير المنذر.