كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 248 - الجزء 21

  يقلَّب رأسا لم يكن رأس سيّد ... وعينا له حولاء باد عيوبها⁣(⁣١)

  فبلغ شعره هشاما، فوجّه، فأطلقه.

  بينه وبين مالك بن المنذر

  : أخبرنا عبد اللَّه بن مالك، عن محمد بن موسى، عن الهيثم بن عديّ، قال: أخبرنا أبو روح الراسبيّ، قال:

  لما ولي خالد بن عبد اللَّه العراق ولَّى مالك بن المنذر شرطة البصرة، فقال الفرزدق:

  يبغّض فينا شرطة المصر أنني ... رأيت عليها مالكا عقب الكلب

  قال، فقال مالك: عليّ به، فمضوا به إليه، فقال:

  أقول لنفسي إذ تغصّ بريقها ... ألا ليت شعري ما لها عند مالك؟

  قال: فسمع قوله حائك يطلع من⁣(⁣٢) طرازه، فقال:

  لها عنده أن يرجع اللَّه ريقها ... إليها وتنجو من عظيم المهالك⁣(⁣٣)

  فقال الفرزدق هذا أشعر الناس، وليعودنّ مجنونا، يصيح الصبيان في أثره⁣(⁣٤) فقال: فرأوه بعد ذلك مجنونا يصيح الصبيان في أثره⁣(⁣٤).

  / أخبرنا / عبد اللَّه بن مالك قال: حدثنا محمد بن علي بن سعيد، قال حدثنا القحذميّ: قال:

  فلما أتوا مالك بن المنذر بالفرزدق قال: هيه عقب الكلب، قال: ليس هذا هكذا قلت، وإنما قلت:

  ألم ترني ناديت بالصوت مالكا ... ليسمع لما غصّ من ريقه الفم

  أعوذ بقبر فيه أكفان منذر ... فهن لأيدي المستجيرين محرم⁣(⁣٥)

  قال: قد عذت بمعاذ⁣(⁣٦)، وخلَّى سبيله.

  أخبرنا عبد اللَّه قال: حدثني محمد بن موسى، قال:

  كتب خالد القسريّ إلى مالك بن المنذر يأمره بطلب الفرزدق، ويذكر أنه بلغه أنه هجاه، وهجا نهره المبارك⁣(⁣٧)، وهو النهر الذي بواسط الذي كان خالد حفره،⁣(⁣٨) فاشتد مالك في طلبه حتى ظفر به في البراجم⁣(⁣٨) فأخذه وحبسه ومرّوا به على بني مجاشع، فقال: يا قوم، اشهدوا أنه لا خاتم بيدي، وذلك أنه⁣(⁣٩) أخذ عمر بن


(١) فاعل يقلب، ضمير هشام، وكانت عينه حولاء وكان القياس «باديا عيوبها»، ولا يصح أن يكون «باد» خبرا مقدما عن «عيوب» لأنه مفرد.

(٢) هد: «يطلع من طراز له»: دكان الحائك.

(٣) سكن واو «تنجو» للضرورة.

(٤ - ٤) تكملة من هد، هج.

(٥) منذر: أبو مالك، وضمير هن يعود على الأكفان.

(٦) بمعاذ: بذي حرمة، يعوذ من استعاذ به.

(٧) تقدم هذا الخبر برواية أخرى.

(٨ - ٨) تكملة من هد، هج.

(٩) فاعل أخذ: ضمير المنذر.