كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الفرزدق وأخباره وذكر مناقضاته

صفحة 250 - الجزء 21

  يعود وكان الخبث منه سجية ... وإن قال: إني منته غير عائد

  يهجو بني فقيم

  : / أخبرني عبيد اللَّه، عن محمد بن موسى، عن القحذمي، قال:

  كان سبب هرب الفرزدق من زياد، وهو على العراق، أنه كان هجا بني فقيم، فقال فيهم أبياتا منها:

  وآب الوفد وفد بني فقيم ... بأخبث ما تئوب به الوفود

  أتونا بالقرود معادليها ... فصار الجدّ للجدّ السعيد⁣(⁣١)

  وقال يهجو زيد بن مسعود الفقيمي والأشهب بن رميلة بأبيات، منها قوله:

  تمنّى ابن مسعود لقائي سفاهة ... لقد قال مينا يوم ذاك ومنكرا⁣(⁣٢)

  غناء قليل عن فقيم ونهشل ... مقام هجين ساعة ثم أدبرا⁣(⁣٣)

  يعني الأشهب بن رميلة، وكان الأشهب خطب إلى بني فقيم، فردوه، وقالوا له: اهج الفرزدق حتى نزوّجك، فرجز به الأشهب، فقال:

  /

  يا عجبا هل يركب القين الفرس ... وعرق القين على الخيل نجس؟⁣(⁣٤)

  وإنما سلاحه إذا جلس ... الكلبتان والعلاة والقبس⁣(⁣٥)

  يهرب من زياد

  : فلما بلغ الفرزدق قوله هجاه، فأرفث⁣(⁣٦) له، وألح الفرزدق على النهشليين بالهجاء، فشكوه إلى زياد، وكان يزيد بن مسعود ذا منزلة عند زياد، فطلبه زياد، فهرب، فأتى بكر بن وائل، فأجاروه، فقال الفرزدق يمدحهم بأبيات:

  إني وإن كانت تميم عمارتي ... وكنت إلى القرموس منها القماقم⁣(⁣٧)

  لمثن على أبناء بكر بن وائل ... ثناء يوافي ركبهم في المواسم⁣(⁣٨)

  همو يوم ذي قار أناخوا فجالدوا ... برأس به تدمى رؤوس الصّلادم⁣(⁣٩)


(١) معادليها: حال من الواو، أي أتونا بالقرود وهم مشابهون لها، وفي الأصل:

«قصار المجد للجد السعيد»

ولا معنى له، فضلا عما فيه من الإقواء، وقد اخترنا رواية ف

«فصار الجد للجد السعيد»

على أن الجد الأولى بمعنى الحظ، والجد الثانية - يفتح الجيم أو ضمها - بمعنى الرجل المجدود، والسعيد صفة الجد الأولى، والمعنى: رجعوا هم بالقرود، ورجع المحظوظ بالحظ السعيد.

(٢) في هج: «حينا» بدل «ميتا» وفي غيرها «ميتا» وهو تصحيف.

(٣) الهجين: غير صريح النسب، وفي البيت عطف الفعل على الاسم، والمعنى: أقام ساعة ثم أدبرا.

(٤) القين: الحداد.

(٥) الكلبتان: آلة من آلات الحداد، والعلاة: السندان، والقيس: ما يستعمله الحداد من النيران في إلانة الحديد.

(٦) أرفث: أفحش.

(٧) البيت من الطويل دخله الخرم، العمارة: الحي دون القبيلة، القرموس، السيد الرئيس، القماقم: الجواد ذو الفضل الغزير.

(٨) لمثن: خبر «إني» في البيت السابق.

(٩) يوم ذي قار: يوم مشهور، كان للعرب على الفرس، ولعل يعني بالرأس هانئ بن مسعود بطل ذلك اليوم، الصلادم: جمع صلدم بمعنى الأسد أو الحجر الصلب، والمعنى يستقيم على كلا المعنيين.